للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ

وقال لخير الخلق، وهم أصحاب نبيه دونه صلّى الله عليه وسلّم: ٣:

١٦٥ أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ: أَنَّى هذا؟ قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ.

فما سلط على العبد من يؤذيه إلا بذنب يعلمه أو لا يعلمه، وما لا يعلمه العبد من ذنوبه أضعاف ما يعلمه منها. وما ينساه مما عمله أضعاف ما يذكره.

وفي الدعاء المشهور «اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم.

واستغفرك لما لا أعلم» .

فما يحتاج العبد إلى الاستغفار منه مما لا يعلمه أضعاف أضعاف ما يعلمه. فما سلط عليه مؤذ إلا بذنب.

ولقي بعض السلف رجل فأغلظ له ونال منه، فقال له: قف حتى أدخل البيت، ثم أخرج إليك. فدخل فسجد لله وتضرع إليه وتاب، وأناب إلى ربه. ثم خرج إليه فقال له: ما صنعت؟ فقال: تبت إلى الله من الذنب الذي سلطك به عليّ.

وسنذكر إن شاء الله تعالى أنه ليس في الوجود شر إلّا الذنوب وموجباتها. فإذا عوفي العبد من الذنوب عوفي من موجباتها. فليس للعبد إذا بغي عليه وأوذي وتسلط عليه خصومه شيء أنقع له من التوبة النصوح.

وعلامة سعادته: أن يعكس فكره ونظره على نفسه وذنوبه وعيوبه، فيشتغل بها وبإصلاحها وبالتوبة منها. فلا يبقى فيه فراغ لتدبر ما نزل به، بل يتولى هو التوبة وإصلاح عيوبه. والله يتولى نصرته وحفظه، والدفع عنه ولا بد. فما أسعده من عبد، وما أبركها من نازلة نزلت به. وما أحسن أثرها عليه، ولكن التوفيق والرشد بيد الله. لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع. فما كل أحد يوفق لهذا. لا معرفة به، ولا إرادة له، ولا قدرة عليه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

<<  <   >  >>