للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الناس وقضاء حوائجهم، ومساعدتهم بالمال والجاه والنفع أفضل. فتصدوا له وعملوا عليه واحتجوا

بقول النبي صلّى الله عليه وسلّم «الخلق كلهم عيال الله، وأحبهم إليه أنفعهم لعياله» رواه أبو يعلي.

واحتجوا بأن عمل العابد قاصر على نفسه وعمل النفاع متعد إلى الغير، وأين أحدهما من الآخر؟.

قالوا: ولهذا كان فضل العالم على العابد: كفضل القمر على سائر الكواكب.

قالوا:

وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه «لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم»

وهذا التفضيل للنفع المتعدي، واحتجوا

بقوله صلّى الله عليه وسلّم «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من أتبعه، من غير أن ينتقض من أجورهم شيء» «١»

واحتجوا

بقوله صلّى الله عليه وسلّم «إن الله وملائكته يصلون على معلمي الناس الخير»

وبقوله صلّى الله عليه وسلّم «إن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض، حتى الحيتان في البحر والنملة في حجرها» .

واحتجوا بأن صاحب العبادة إذا مات انقطع عمله، وصاحب النفع لا ينقطع عمله ما دام نفعه الذي نسب إليه.

واحتجوا بأن الأنبياء إنما بعثوا بالإحسان إلى الخلق وهدايتهم، ونفعهم في معاشهم ومعادهم، لم يبعثوا بالخلوات والانقطاع عن الناس والترهب، ولهذا أنكر النبي صلّى الله عليه وسلّم على أولئك النفر الذين هموا بالانقطاع للتعبد، وترك مخالطة الناس، ورأي هؤلاء التفرق في أمر الله ونفع عباده والإحسان إليهم أفضل من الجمعية عليه بدون ذلك.

الصنف الرابع: قالوا: إن أفضل العبادة: العمل على مرضاة الرب


(١) أخرجه الترمذي عن أبي هريرة برقم ٢٦٧٤.

<<  <   >  >>