واتبعوا أحسن ما أنزل إليهم من ربهم، فيكونون من عبيد الإلهية والطاعة.
وإنما انقسمت العبودية إلى خاصة وعامة: لأن أصل معنى اللفظة:
الذل والخضوع. يقال:«طريق معبد» إذا كان مذللا بوطء الأقدام، وفلان عبّده الحب إذا ذلله، لكن أولياؤه خضعوا له وذلوا طوعا واختيارا، وانقيادا لأمره ونهيه، وأعداؤه خضعوا له قهرا ورغما.
ونظير انقسام العبودية إلى خاصة وعامة: انقسام القنوت إلى خاص وعام، والسجود كذلك. قال تعالى في القنوت الخاص ٣٩: ٩ أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ وقال في حق مريم ٦٦: ١٢ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ وهو كثير في القرآن.
وقال في القنوت العام ٢: ١١٦ وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ أي خاضعون أذلاء.
وقال في السجود الخاص ٤٠: ٦٠ إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ وقال ١٩: ٥٨ إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا وهو كثير في القرآن.
وقال في السجود العام ١٣: ١٥ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ.
ولهذا كان هذا السجود الكره غير السجود المذكور في قوله ٢٢:
١٨ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فخص بالسجود هنا كثيرا من الناس وعمهم بالسجود في سورة النحل ١٦: ٢٤٩ وهو سجود الذل والقهر والخضوع. فكل أحد خاضع لربوبيته، ذليل لعزته. مقهور تحت سلطانه تعالى.