للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّلامُ، حَتَّى إِذَا خَرَجَ مِنْ مَضِيقِ الصَّفْرَاءِ [١] فَقَسَّمَ النَّفْلَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى السَّوَاءِ، وَبِالصَّفْرَاءِ

أمر عليا، فقتل النضر بن الحرث، ثُمَّ بعرقِ الظُّبْيَةِ قَتَلَ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ، فَقَالَ حِينَ قَتَلَهُ: مَنْ لِلصَّبِيَّةِ يَا مُحَمَّد؟ قَالَ: «النَّارُ»

وَالَّذِي قَتَلَهُ عَاصِم بْنُ ثابت بن أَبِي الأَفْلَحِ، وَقِيلَ: عَلِيٌّ، وَالَّذِي أَسَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ، ثُمَّ مَضَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ قبل الأسارى بيوم.

قال ابن إسحق: وحدثني نبيه بن وهب أخو بن عَبْدِ الدَّارِ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَقْبَلَ بِالأُسَارَى فَرَّقَهُمْ بَيْنَ أَصْحَابِهِ وَقَالَ: «اسْتَوْصُوا بِهِمْ خَيْرًا»

قَالَ: فَكَانَ أَبُو عُزَيْزِ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ هَاشِمٍ أَخُو مُصْعَبٍ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ فِي الأُسَارَى فَقَالَ: مَرَّ بِي أَخِي مُصْعَبٌ وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَأْسِرُنِي فَقَالَ لَهُ: شُدَّ يَدَيْكَ بِهِ، فَإِنَّ أُمَّهُ ذَاتَ مَتَاعٍ لَعَلَّهَا تَفْدِيهِ مِنْكَ، فَكُنْتُ فِي رَهْطٍ مِنَ الأَنْصَارِ حِينَ أَقْبَلُوا بِي مِنْ بَدْرٍ، فَكَانُوا إِذَا قَدَّمُوا غَدَاءَهُمْ وَعَشَاءَهُمْ خَصُّونِي بِالْخُبْزِ وَأَكَلُوا التَّمْرَ لِوَصِيَّةِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُمْ بِنَا، ثُمَّ فُدِيَ بِأَرْبَعَةِ آلافِ دِرْهَمٍ وَهِيَ أَعْلَى الْفِدَاءِ.

وَذَكَرَ قَاسِمُ بْنُ ثَابِتٍ فِي دَلائِلِهِ أَنَّ قُرَيْشًا لَمَّا تَوَجَّهَتْ إِلَى بَدْرٍ مَرَّ هَاتِفٌ مِنَ الْجِنِّ عَلَى مَكَّةَ فِي الْيَوْمِ الَّذي وَقَعَ بِهِمُ الْمُسْلِمُونَ وَهُوَ يُنْشِدُ بِأَبْعَدِ صَوْتٍ وَلا يُرَى شَخْصُهُ:

أَزَارَ الْحَنِيفِيُّونَ بَدْرًا وَقِيعَة ... سَيَنْقضُ مِنْهَا رُكْنُ كِسْرَى وَقَيْصَرَا

أَبَادَتْ رِجَالا مِنْ قُرَيْشٍ وَأَبْرَزَتْ ... خَرَائِدَ يَضْرِبْنَ التَّرَائِبَ حُسَّرَا

فَيَا وَيْحَ مَنْ أَمْسَى عَدُوَّ مُحَمَّدٍ ... لَقَدْ جَارَ عَنْ قَصْدِ الْهَوَى وَتَحَيَّرَا

فَقَالَ قَائِلُهُمْ مَنِ الحنفيون، فقالوا: هو مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ، يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ الحنيف، ثم لم يلبث النفر أن جاءهم الخبر.


[ () ] مازن بن النجار، فقال راجز من المسلمين- قال ابن هشام: يقال: إنه عدي بن أبي الزغباء:
أقم لها صدورها يا بسبس ... ليس بذي الطلح لها معرس
ولا بصحراء غمير محبس ... إن مطايا القوم لا تخيس
نحملها على الطريق أكيس ... قد نصر الله وفر الأخنس
[ (١) ] وعند ابن هشام: نزل على كثيب بين المضيق وبين النازية، يقال له: سير، إلى سرحة به (انظر سيرة ابن هشام ٢/ ٢٩٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>