عِنْدَنَا مَكَانَكَ نَضْرِبُ عُنُقَهُ، وَأَنَّكَ فِي أَهْلِكَ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنَّ مُحَمَّدًا الآنَ فِي مَكَانِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ تُصِيبُهُ شَوْكَةٌ تؤذيه، وأني لجالس في أهلي، قال: يقول أَبُو سُفْيَانَ، مَا رَأَيْتُ مِنَ النَّاسِ أَحَدًا يُحِبُّ أَحَدًا كَحُبِّ أَصْحَابِ مُحَمَّد مُحَمَّدا، ثُمَّ قَتَلَهُ نَسْطَاسٌ، يَرْحَمُهُ اللَّهُ. وَرَأَيْتُ فِي كِتَابِ (ذَيْلِ الْمُذَيَّلِ) لأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ، لِحَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ يُرْثِي أَصْحَابَ الرَّجِيعِ السِّتَّةَ:
أَلا لَيْتَنِي فِيهَا شَهِدْتُ ابْنَ طَارِقٍ ... وَزَيْدًا وَمَا تُغْنِي الأَمَانِي وَمَرْثَدَا
وَدَافَعْتُ عَنْ حِبِّي خُبَيْبٍ وَعَاصِمٍ ... وَكَانَ شِفَاءً لَوْ تَدَارَكْتُ خَالِدَا
وَذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ: أَنَّ الْبَعْثَ كَانُوا عَشَرَةً، وَذَكَرَ السِّتَّةَ الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ وَزَادَ:
وَمُعَتِّبُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَهُوَ أَخُو عَبْد اللَّهِ بْن طَارِقٍ لأُمِّهِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْبَاقِينَ. وَذَكَرَ ابْنُ عُقْبَةَ أَيْضًا: مُعَتِّبَ بْنَ عُبَيْدٍ فِيهِمْ، وَذَكَرَ أَنَّ الَّذِي قِيلَ لَهُ: أَتُحِبُّ أَنَّ مُحَمَّدا مَكَانَكَ؟ هُوَ:
خُبَيْبُ بْنُ عَدِيٍّ حِينَ رُفِعَ الْخَشَبَةِ، فَقَالَ: لا وَاللَّهِ، فَضَحِكُوا مِنْهُ،
قَالَ: وَقَالَ خُبَيْبٌ:
اللَّهُمَّ إِنِّي لا أَجِدُ إِلَى رَسُولِكَ رَسُولا غَيْرَكَ، فَأَبْلِغْهُ مِنِّي السَّلامَ، وَزَعَمُوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي قُتِلا فِيهِ: «وَعَلَيْكُمَا» أَوْ «عَلَيْكَ السَّلامُ، خُبَيْبٌ قَتَلَتْهُ قُرَيْشٌ»
وَلا يَدْرُونَ أَذَكَرَ زَيْدَ بْنَ الدَّثِنَةِ مَعَهُ أَمْ لا، وَزَعَمُوا أَنَّهُمْ رَمَوْا زَيْدَ بْنَ الدَّثِنَةِ بِالنَّبْلِ وَأَرَادُوا فِتْنَتَهُ فَلَمْ يَزْدَدْ إِلَّا إِيَمَانًا وَتَثْبِيتًا، وَزَعَمُوا أَنَّ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ دَفَنَ خُبَيْبًا.
قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَرَوَى عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ قَالَ: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى خُبَيْبِ بْنِ عَدِيٍّ لأُنْزِلَهُ مِنَ الْخَشَبَةِ، فَصَعِدْتُ خَشَبَتَهُ لَيْلا، فَقَطَعْتُ عَنْهُ وَأَلْقَيْتُهُ، فَسَمِعْتُ وَجْبَة [١] خَلْفِي، فَالْتَفَتُّ فَلَمْ أَرَ شَيْئًا.
وَقَالَ ابْنُ عُقْبَةَ، وَاشْتَرَكَ فِي ابْتِيَاعِ خُبَيْبٍ زَعَمُوا: أَبُو إِهَابِ بْنُ عُزَيْزٍ وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ، وَالأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ، وَعُبَيْدَةُ بْنُ حَكِيمٍ بن الأَوْقَصِ، وَأُمَيَّةُ بْنُ أَبِي عُتَبْةَ، وَبَنُو الْحَضْرَمِيِّ، وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَهُمْ أَبْنَاءُ مَنْ قُتِلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَدَفَعُوهُ إِلَى عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ فَسَجَنَهُ فِي دَارِهِ- الْحَدِيثَ.
وَكَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى فِي الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ كَانُوا يَلْمِزُونَهُمْ وَفِيهِمْ مِنَ الْقُرْآنِ:
[ (١) ] أي صوتا قويا.