للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن إسحق: وحَدَّثَنِي عَبْد اللَّهِ بْن حَسَنٍ [١] ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، مَوْلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ عَلِيٍّ حِينَ بَعَثَهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَايَتِهِ، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْحِصْنِ خَرَجَ إِلَيْهِ أَهْلُهُ فَقَاتَلَهُمْ، فَضَرَبَهُ رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ فَطَرَحَ تِرْسَهُ مِنْ يَدِهِ، فَتَنَاوَلَ عَلِيٌّ بَابًا كَانَ عِنْدَ الْحِصْنِ فَتَرَسَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ، فَلَمْ يَزَلْ فِي يَدِهِ وَهُوَ يُقَاتِلُ حَتَّى فَتَحَ اللَّه عَلَيْهِ، ثُمَّ أَلْقَاهُ مِنْ يَدِهِ حِينَ فَرَغَ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي نَفَرٍ سَبْعَةٍ أَنَا ثَامِنُهُمْ نَجْهَدُ عَلَى أَنْ نُقَلِّبَ ذلك الباب فما نقبله.

وَحَاصَرَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ خَيْبَرَ فِي حِصْنِهِمُ، الْوطيحِ وَالسّلالِمِ، حَتَّى إِذَا أَيْقَنُوا بِالْهَلَكَةِ سَأَلُوهُ أَنْ يُسَيِّرَهُمْ، وأَنْ يَحْقِنَ لَهُمْ دِمَاءَهُمْ، فَفَعَلَ، وَكَانَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ حَازَ الأَمْوَالَ كُلَّهَا، الشّقّ وَنطاةَ وَالْكَتِيبَةَ وَجَمِيعَ حُصُونِهِمْ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ ذَيْنَك الْحِصْنَيْنِ، فَلَمَّا نَزَلَ أَهْلُ خَيْبَرَ عَلَى ذَلِكَ، سَأَلُوا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعَامِلَهُمْ فِي الأَمْوَالِ عَلَى النِّصْفِ، وَقَالُوا: نَحْنُ أَعْلَمُ بِهَا مِنْكُمْ وَأَعْمَرُ لَهَا، فَصَالَحَهُمْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النِّصْفِ، عَلَى أَنَّا إذا شئنا أن نخرجكم أخرجناكم.

وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي فَتْحِهَا كَيْفَ كَانَ: فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا داود بن معاذ، فثنا عَبْدُ الْوَارِثِ، وَثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبَرْاهِيمَ، وَزِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَهُمْ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بن مالك، أن رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَا خَيْبَرَ فَأَصَابَهَا عَنْوَةً فَجَمَعَ السبي.

وروينا عن ابن إسحق قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ عنوة بعد القتال:

وروينا من طريق السجستاني، فثنا ابن السرح، فثنا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ عَنْوَةً بَعْدَ الْقِتَالِ، وَنَزَلَ مَنْ نَزَلَ مِنْ أَهْلِهَا عَلَى الْجَلاءِ بَعْدَ الْقِتَالِ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي أَرْضِ خَيْبَرَ أَنَّهَا كَانَتْ عَنْوَةً كُلُّهَا مَغْلُوبًا عَلَيْهَا، بِخِلافِ فَدَكٍ، فَإِنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم جَمِيعَ أَرْضِهَا عَلَى الْغَانِمِينَ لَهَا، الْمُوجِفِينَ عَلَيْهَا بِالْخَيْلِ وَالرِّكَابِ، وَهُمْ أَهْلُ الْحُدَيْبِيَةِ.

وَلَمْ تَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ أَنَّ أَرْضَ خَيْبَرَ مَقْسُومَةٌ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا: هَلْ تُقَسَّمَ الأَرْضُ إِذَا غُنِمَتِ الْبِلادُ أَوْ تُوَقَّفُ؟ فَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: الإِمَامُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ قِسْمَتِهَا كما فعل رسول


[ (١) ] وعن ابن هشام: الحسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>