ونحر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الهدى عنهما وحج بالناس وأراهم مناسكهم وعرفهم سنن حجهم، وأعلمهم أن دماءهم وأموالهم عليهم حرام، وأن كل دم موضوع، فسميت حجة الوداع لأنه ودعهم ولم يحج بعدها، وتسمى أيضا حجة البلاغ لأنه حين ودعهم خطبهم فقال في خطبته ألا ان الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض وهذا القول بين ماضى الزمان ومستقبله مثبت لبطلان النسيء على ما قدمنا مفصلا فيما سلف من كتابنا هذا. ثم قال اللَّهمّ هل بلغت؟ فقالوا نعم فقال اللَّهمّ اشهد وأحج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نساءه كلهن معه وابنته فاطمة، وقيل إنه أفرد الحج، وقيل أقرن، وقيل انه كسا البيت في حجته الحبرات
[ذكر السنة الحادية عشرة من الهجرة وهي «سنة الوفاة»]
فيها كان توجيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عمرو بن العاص الى جيفر وعبادا بنى الجلندي بن مسعود الأزديين صاحبي عمان يدعوهما الى الإسلام فأسلما، وفي هذه السنة قوى أمر الأسود العنسيّ الكذاب المتنبي باليمن وهو عبهلة بن كعب بن الحارث بن عمرو بن عبد الله بن سعد بن عنس بن مذحج وهو مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبإ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، وكان بدء أمره بالموضع المعروف بكهف خبان وكان يدعى ذا الحمار، لحمار كان معه قد راضه وعلمه يقول له اسجد فيسجد ويقول له اجث فيجثو، وغير ذلك من أمور كان يدعيها ومخاريق كان يأتى بها يجتذب بها قلوب متبعيه