وكان نقش خاتمه «باللَّه يثق هارون» وقضى له عهده منهم على بن حرملة، وعون بن عبد الله المسعودي، وحفص بن غياث، وشريك بن عبد الله بن أبى شريك النخعي، ومحمد بن سماعة الحنفي، وحجبه بشر بن ميمون، ثم محمد بن خالد بن برمك، ثم الفضل بن الربيع.
[ذكر خلافة الأمين]
وبويع الأمين محمد بن هارون الرشيد ويكنى أبا موسى وامه زبيدة أم جعفر ابنة جعفر بن أبى جعفر المنصور يوم السبت للنصف من جمادى الآخرة سنة ١٩٣، وبايع له المأمون بخراسان، وكتب اليه بالطاعة والخضوع وامتثال أمره ونهيه، انقيادا الى ما تقدم به العهد فعمل الأمين في خلعه والاحتيال لذلك وكتب إليه بأمره بتسليم بعض اعماله الى من يرسم له، فامتنع من ذلك، فكتب اليه يأمره بالمصير اليه لمعاونته على تدبير ملكه، فاعتل بأمور ذكرها، فوجه اليه يسأله تقديم ابنه عليه بولاية العهد، ويرغبه في ذلك ويرهبه، فأبى وقوّى الفضل بن سهل ذو الرئاستين عزمه على محاربته.
فلما عادت الرسل الى الأمين بذلك بايع لابنه موسى «ولقبه الناطق بالحق» وهو يومئذ صبي صغير وسرح على بن عيسى بن ماهان في خمسين ألفا بأعظم ما يكون من القوة والعدد ليجيئه بالمأمون، فندب المأمون للقائه طاهر بن الحسين ابن مصعب بن زريق بن حمزة الرستمي من ولد رستم بن دستان الشديد وهم موالي خزاعة في الإسلام واليهم ينتمون فنزل الري وسار على بن عيسى حتى قرب منهما فالتقيا فاقتتلا قتالا شديدا، فقتل على بن عيسى وفضت جموعه واحتوى على عسكره وذلك لعشر خلون من شعبان سنة ١٩٥ فحينئذ سلّم على المأمون بإمرة المؤمنين وسمى طاهر ذا اليمينين، وسار طاهر يفتح بلدا بلدا ويكسر من تلقاءه