وبويع هشام بن عبد الملك بن مروان، ويكنى أبا الوليد وأمه أم هشام بنت هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومي في اليوم الّذي توفى فيه يزيد، وتوفى بالرصافة من أرض قنسرين مما يلي البر يوم الأربعاء لست ليال خلون من شهر ربيع الآخر سنة ١٢٥، وله ثلاث وخمسون سنة وكانت ولايته تسع عشرة سنة وسبعة أشهر وإحدى عشرة ليلة، وكان ابيض الى الصفرة ما هو، أحول شديد انقلاب العين، يخضب لحيته بالسواد، ربعة من الرجال، حسن البدن خشن الجانب، شكس الأخلاق، دقيق النظر، جامعا للأموال، قليل البذل للنوال، متيقظا في سلطانه، سائسا لرعيته، مباشرا للأمور بنفسه، لا يغيب عنه شيء من أمر مملكته وكتب له محمد بن عبد الله بن حارثة الأنصاري، وأسامة بن زيد السليحي، وسالم مولى سعيد بن عبد الملك وكان نقش خاتمه «الحكم للحكيم» وعلى قضائه محمد بن صفوان الجمحيّ، ونمير بن أوس الأشعري، وحاجبه غالب مولاه.
وفي السنة السابعة عشرة من ولايته وهي سنة ١٢٢، كان ظهور زيد بن على ابن الحسين بن على بن أبى طالب بالكوفة في نفر يسير، وعليها يوسف بن عمر الثقفي، وقد كان بايعه خلق كثير، ثم قعدوا عنه ولم يفوا له، فلقيه يوسف ابن عمر في جموع عظيمة، فقاتلهم زيد قتالا شديدا إلى ان قتل ومن معه في صفر من هذه السنة وصلب بالكناسة.