وبويع المستعين احمد بن محمد بن محمد المعتصم، ويكنى أبا عبد الله، وأمه أم ولد يقال لها مخارق- في اليوم الّذي توفى فيه المنتصر، وغلب على التدبير والأمر والنهي، أو تامش ابن أخت بغا الكبير، وكاتبه شجاع بن القاسم الى أن شغب الموالي فقتلوه، وكاتبه للنصف من شهر ربيع الأول سنة ٢٤٩ ولم يزل مقيما بسر من رأى إلى أن قتل وصيف وبغا باغر التركي أحد المتقدمين في قتل المتوكل، فشغب الموالي وتحزبوا، فانحدر ومعه وصيف وبغا إلى مدينة السلام لثلاث خلون من المحرم سنة ٢٥١ وبايع الأتراك بسر من رأى أبا عبد الله المعتز لحرب من بمدينة السلام، فكانت الحروب بينهم سنة إلا أياما يسيرة والقيم بأمر المستعين محمد بن عبد الله بن طاهر إلى أن خلع المستعين نفسه، وسلّم الخلافة الى المعتز لليلتين خلتا من المحرم سنة ٢٥٢، وقتل بقادسية سرمن رأى يوم الأربعاء لثلاث ليال خلون من شوال في هذه السنة، وهو ابن خمس وثلاثين سنة فكانت خلافته منذ بويع الى أن خلع ثلاث سنين وثمانية أشهر وثمانية وعشرين يوما، ومنذ خلع الى أن قتل تسعة أشهر.
وكان مسمنا، حسن الوجه، أسود اللحية، لين الجانب منقادا لاتباع مهملات الأمور، شديد الخوف على نفسه، فأداء خوفه، وقلة أمنه الى الهرب عن دار ملكه، وقرار عزه، وأدبرت الأمور عنه.
واستوزر أحمد بن الخصيب ثم سخط عليه فكانت الوزارة مرسومة بأوتامش التركي، وكاتبه شجاع بن القاسم يدبر الأمور، ثم استوزر بعد قتل أوتامش وشجاع، أحمد بن صالح بن شيرزاد