واجتمعت البطارقة وغيرهم من ذوى المراتب، من الروم وغيرهم بعد قتل فوقاس لاختيار من يصلح للملك، فوقع اختيارهم بعد خطب طويل وتنازع كثير على هرقل، فملكوه ورجوا صلاح أحوالهم بتمليكه وهو الثاني والعشرون من ملوك الروم المتنصرة، وكان ملكه لثلاث وثلاثين سنة خلت من ملك كسرى أبرويز بن هرمز ملك بابل، فملك خمسا وعشرين سنة وقيل أكثر من ذلك وفي أول سنة من ملكه كانت هجرة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأقام في الملك أيام النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأيام أبى بكر وعمر وسنتين من خلافة عثمان وفي أيامه غلب المسلمون على بلاد سورية وهي الشأم والجزيرة، وكان أخوه قسطنطين معاضدا له على الملك فهلك قبله ولما ملك هرقل جد في حرب الفرس، فكانت له معهم حروب كثيرة وفسد الأمر بين كسرى أبرويز وصاحب جيشه المحاصر للقسطنطينية شهربراز وأتاه هرقل ومالأه على أبرويز، فخرج هرقل في مراكب كثيرة في الخليج الى بحر الخزر وسار الى طرازندة وأبواب لازقة واستنجد هناك ملوك الأعاجم من اللان والخزر والسرير والأبخاز وجرزان والأرمن وغيرهم حتى صار الى بلاد أران والبيلقان وآذربيجان والماهات من أرض الجبل واتصلت جيوشه بأرض العراق فشن الغارات وقتل وسبى وانصرف راجعا الى القسطنطينية بحيلة أوقعها أبرويز عليه