[ذكر ما جرت عليه أحوال بنى أمية بعد قتل مروان، بن محمد وتفرقهم في البلاد، وسبب تملك عبد الرحمن ابن معاوية بن هشام على بلاد الأندلس وولده الى وقتنا هذا وما اتصل بذلك]
لما قتل مروان بن محمد بن مروان، تفرقت بنو أمية في البلاد، هربا بأنفسهم، وقد كان عبد الله بن على بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب قتل منهم على نهر أبى فطرس، من بلاد فلسطين، نحوا من ثمانين رجلا مثلة، واحتذى أخوه داود بن على بالحجاز فعله، فقتل منهم نحوا من هذه العدة بأنواع المثل، وكان مع مروان حين قتل ابناه عبد الله وعبيد الله، وكانا وليي عهده فهربا فيمن تبعهما من أهلهما ومواليهما وخواصهما من العرب، ومن انحاز اليهم من أهل خراسان من شيعة بنى أمية فساروا الى أسوان من صعيد مصر، وساروا على شاطئ النيل الى أن دخلوا أرض النوبة وغيرهم من الأحابش، ثم توسطوا أرض البجة ميممين باضع من ساحل بحر القلزم، فكانت لهم مع من مروا به من هذه الأمم، حروب ومغاورات، ونالهم جهد شديد وضر عظيم، فهلك عبيد الله بن مروان في عدة من كان معهم قتلا وعطشا وضرا، وشاهد من بقي منهم أنواع الشدائد وضروب العجائب ووقع عبد الله بن مروان في عدة ممن نجا معه الى باضع من ساحل المعدن وأرض البجة، وقطع البحر الى جدة من ساحل مكة وتنقل فيمن نجا معه من أهله ومواليه في البلاد متسترين راضين أن يعيشوا سوقة بعد أن كانوا ملوكا،