للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على أنا لم نجد أحدا حصل ذلك تحصيلنا، ولا رتبه ترتيبنا، فمن أراد علم ذلك فليتصفح كتب من عنى بهذا الشأن من الأسلاف والأخلاف يقف على حقيقة ما قلنا وفضيلة ما أتينا، ففهم ذلك بعد الكفاية يسير، ومطلبه قبل الكفاية عسير. وقد ذكرنا ذلك على الشرح والإيضاح، وما فيه من التنازع في كتاب (فنون المعارف، وما جرى في الدهور السوالف) وفي كتاب (الاستذكار، لما جرى في سوالف الاعصار) الّذي كتابنا هذا تال له ومبنى عليه، وإنما حذفنا من كتابنا هذا الأسانيد ليخف تحمله، ويقرب متناوله.

قال المسعودي: وقد ذكر عدة من ذوى المعرفة بسياسة الحروب وتدبير العساكر والجيوش ومقاديرها وسماتها، أن السرايا ما بين الثلاث نفر الى الخمسمائة، وهي التي تخرج بالليل، فأما التي تخرج بالنهار فتسمى السوارب، وذلك قوله عز وجل وَمن هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ ١٣: ١٠ وما زاد على الخمسمائة الى دون الثمانمائة فهي المناسر، وما بلغ الثمانمائة فهو جيش، وهو أقل الجيوش وما زاد على الثمانمائة الى دون الألف فهو الخشخاش، وما بلغ الألف فهو الجيش الأزلم، وما بلغ الأربعة آلاف، فهو الجيش الجحفل، وما بلغ اثنى عشر ألفا، فهو الجيش الجرار، وإذا افترقت السرايا والسوارب بعد خروجها، فما كان دون الأربعين، فهي الجرائد، وما كان من الأربعين الى دون الثلاثمائة فهي المقانب، وما كان من الثلاثمائة الى دون الخمسمائة فهي الجمرات، وكانوا يسمون الأربعين رجلا إذا وجهوا العصبة، ويقولون خير السرايا أربعمائة، وخير الجيوش أربعة آلاف، ولن يؤتى اثنا عشر ألفا من قلة.

وقد رأى قوم أن المقنب مثل المنسر، وأن كل واحد منهما ما بين الثلاثين رجلا الى الأربعين، واستشهدوا على تقاربهما بقول الشاعر:

وإذا تواكلت المقانب لم يزل ... بالثغر منا منسر وعظيم