وسار عبد الرحمن راجعا لإخراج الحجاج من العراق، ومسألة عبد الملك إبدالهم به، فلما عظمت جموعه ولحق به كثير من أهل العراق ورؤسائهم وقرائهم ونساكهم عند قربه منها خلع عبد الملك، وذلك بإصطخر فارس وخلعه الناس جميعا وسمى نفسه «ناصر المؤمنين» وذكر له أنه القحطانى الّذي ينتظره اليمانية وأنه يعيد الملك فيها، فقيل له إن القحطانى على ثلاثة أحرف، فقال اسمى عبد وأما الرحمن فليس من اسمى، وسار الحجاج للقائه حتى لقيه دون تستر من كور الأهواز بسبعة فراسخ، فهزم أصحاب الحجاج، وقتل منهم نحو من ثمانية آلاف. وسار الحجاج الى البصرة، فنزل الراوية وسار ابن الأشعث حتى نزل الخريبة، وذلك في سنة ٨٣. فأقاموا يقتتلون نحوا من شهرين، ثم خرج ابن الأشعث الى الكوفة ليلا لينغلب عليها في نفر يسير وأصبح أصحابه، فبايعوا عبد الرحمن بن عباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، فلقيهم الحجاج فهزمهم، ولحقوا بابن الأشعث، فخرج ابن الأشعث من الكوفة حتى نزل دير الجماجم، وسار الحجاج حتى نزل دير قرة، وكان كتب الى عبد الملك يستمده فأمده بابنه عبد الله بن عبد الملك وأخيه محمد بن مروان، فاقتتلوا بدير الجماجم نحوا من اربعة أشهر، فكانت الوقائع بينهم فيما قيل نحوا من ثمانين وقعة، وابن الأشعث في نحو من ثمانين الفا، وقيل أكثر من ذلك. والحجاج في دون جمعه ولم يكن بعد وقائع صفين أعظم من هذه الحروب ولا أهول من هذه الزحوف، ثم انهزم ابن الأشعث وأهل العراق، وقتل منهم جمع كثير، وسار ابن الأشعث إلى البصرة، وتبعه الحجاج فخرج عنها، فكان التقاؤهم بمسكن من أرض العراق، فهزم أهل العراق وقتلوا قتلا ذريعا، ومضى ابن الأشعث فيمن تبعه حتى صار إلى سجستان، وكاتب رتبيل وصار اليه فوجه الحجاج بجيش كثيف الى سجستان. وكتب الى رتبيل بتسليم ابن الأشعث فيمن تبعه، ورغبه