فولى بعده ابن ابنه عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك ابن مروان الى وقتنا هذا وهو سنة ٣٤٥ خمسا وأربعين سنة، وبلده عامر، والعدل فيه شامل ولم يكن فيمن سمينا من آبائه ممن ملك الأندلس أحد يسمى بإمرة المؤمنين وكانوا يسمون «بنى الخلائف» الى أن ملك هو فخوطب بها، وصدرت عنه الكتب بذلك ووردت، وخطب له به على المنابر، وجعل ولاية العهد بعده لابنه الحكم بن عبد الرحمن دون سائر اخوته، لما تخيل فيه من النجابة، وتبين من اضطلاعه بالملك وقيامه به قال المسعودي وقد ذكرنا في الأخبار المعروفة (بالمسعوديات) التي نسبت إلينا وفي كتاب (وصل المجالس) جملا من أخبار من سمينا من ولاة الأندلس وسياستهم وحروبهم مع من يجاورهم من الجلالقة والجاسقس والوشكنش وقرمانيش وغوطس وغيرهم من الافرنجية برا وبحرا.
وما كان من الأندلس من الحروب والفتن مذ افتحها طارق مولى موسى ابن نصير في سنة ٩٢ في أيام الوليد بن عبد الملك إلى وقتنا هذا، وعبور طارق مولى موسى اليها، وقتله لذريق ملك الاشبان الذين كانوا بالأندلس، وعبور موسى بن نصير بعده، وما لقي من الأمم، وشاهد من العجائب وخبر المائدة الذهب، والبيت الّذي كان فيه تيجان ملوكهم السالفة.
وذكرنا في كتاب (فنون المعارف وما جرى في الدهور السوالف) ما كان ببلاد إفريقية من الحروب والوقائع والزحوف منذ افتتحت، وخبر موسى بن نصير، ومن بها كان بعده من الأمراء الى أن أفضى أمر تملكها في أيام الرشيد