فأخرجوا الحسن بن سهل أخا ذي الرئاستين، وكان خليفة المأمون على العراق وبايعوا المنصور بن المهدي فلم يتم له أمر، وكان مضعفا فبايعوا أخاه إبراهيم ابن المهدي بالخلافة لخمس خلون من المحرم سنة ٢٠٢ ودعي له على المنابر بمدينة السلام وغيرها فوجه الجيوش لمحاربة الحسن بن سهل وهو بناحية المدائن فكانت الحروب بينهم سجالا وسار المأمون عن مرو يريد بغداد ومعه على بن موسى الرضا وزيره القائم بدولته الفضل بن سهل ذو الرئاستين، وقتل الفضل بن سهل غيلة في حمام بسرخس يوم الاثنين لخمس خلون من شعبان من هذه السنة، فقتل الرضا في طوس في أول صفر سنة ٢٠٣ ولما قرب المأمون من بغداد اضطرب على إبراهيم من كان يعتمد على نصرته، وقعد عنه أكثر من بايعه من الهاشميين وغيرهم فاستتر لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي الحجة من هذه السنة، وقال معاتبا للعباسيين
فلا جزيت بنو العباس خيرا ... على رغمى ولا اغتبطت بري
أتونى مهطعين وقد أتاهم ... بوار الدهر بالخبر الجلي
وقد ذهل الحواضن عن بنيها ... وصد الثدي عن فم الصبى
وحل عصائب الاملاك منها ... فشدت في رقاب بنى على
فضجت أن تشد على رءوس ... تطالبها بميراث النبي
وكانت أيامه منذ بويع الى ان استتر سنة واحدى عشر شهرا وأياما، ودخل المأمون مدينة السلام يوم السبت لثمان عشرة ليلة خلت من صفر سنة ٢٠٤ وأمر بإعادة لبس السواد وتخريق الخضرة بعد ثمانية أيام من قدومه ولم يزل إبراهيم مستقرا منتقلا بمدينة السلام الى أن ظفر به في استتاره ليلة الأحد لثلاث عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الآخر سنة ٢١٠ فعفا عنه المأمون واعتقل مديدة ثم