مدتهم، وكان دخوله إياها يوم الخميس مستهل شهر ربيع الأول سنة ٢٩٢ فكانت مدة دولة بنى طولون سبعا وأربعين سنة وخمسة أشهر وسبعة أيام.
ثم خرج قرمطى آخر، يكنى أبا غانم في جمع من كلب أيضا بنواحي الشأم في سنة ٢٩٣.
وقوى أمره وكثر اتباعه، وصار الى نواحي أذرعات وبصرى من حوران والبثنية من أعمال دمشق.
وعاث وقتل وسبى وصار الى مدينة طبرية من بلاد الأردن، فدخلها بالسيف، وقتل أميرها جعفر بن ناعم، وكثيرا من الجند والعوام فجرد السلطان للقائه الحسين بن حمدان التغلبي، فلقيه بالموضع المعروف بخندف من أعمال دمشق.
فجرت بينهما وقعة تكافئا فيها، ثم كانت للحسين عليهم، فانكشف القرمطى منهزمها في البرية، وذلك في شعبان من هذه السنة، وفي ذلك يقول بعض بنى كلاب،
لولا حسين يوم وادي خندف ... وخيله ورجله لم تشتف
نفس أمير المؤمنين المكتفي
في كلمة له طويلة يصف صاحب هذه الوقعة، وما كان فيها، وأفعال القرامطة بالشأم وسار القرمطى الى هيت، فقتل من أهلها وضربها بالنار، وارتحل عنها متوجها الى ناحية البر.
وأنفذ المكتفي عدة قواد لطلبه منهم محمد بن إسحاق بن كنداجيق، ومؤنس الخازن المعروف بالفحل، وغيرهما، فاختلفت كلمة من كان معه من الكلبيين وخافوا الفناء لاحاطة العسكر بهم.