للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكما لا يُشْرع الرفع في هذا الانتقال، فكذا لا يُشرع في الانتقال الآخر.

قالوا: فهذا هو القياس والرأي الفاسد الذي أجمع السلفُ على ذَمِّه، وهو يتضمَّن الجمعَ بين ما فرَّق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينه، والتفريقَ بين ما جمع بينه, فإنَّ السنة قد فرَّقت بين الموضعين، فالرأي الذي يتضمن التسوية بينهما رأيٌ باطل وقياس فاسد لا يحلّ اعتباره، وهذا وأمثاله ممن يتناوله ما رواه البخاري في «صحيحه» (١) من حديث عبد الله بن عَمرو بن العاص، قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن الله لا ينزعُ العلم بعد إذ أعطاهموه انتزاعًا، ولكن ينتزعه منهم مع قبض العلماء بعلمهم، فيبقى ناسٌ جهَّال فيُسْتفتون فيفتون برأيهم فيَضلون ويُضِلون».

وفي رواية: «لا ينزع الله العلمَ من صدور الرجال، ولكن ينتزع العلم بموت العلماء، فإذا لم يبقَ عالم اتخذ الناسُ رؤوسًا جُهّالًا فقالوا بالرأي فضلّوا وأضلّوا» (٢). وفي رواية: «فأفتوا بغير علم» (٣).

وهو صريح في أن «الرأي» غيرُ علمٍ، ولاسيما رأيٌ يخالف ما جاء به


(١) رقم (٧٣٧٢). وأخرجه مسلم أيضًا رقم (٢٦٧٣).
(٢) أخرجه ابن حزم في «الإحكام في أصول الأحكام»: (٦/ ٣٩). قال ابن حزم: «حدثنا حمام بن أحمد ثنا عبد الله بن محمد بن علي الباجي ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ثنا أحمد بن مسلم نا أبو ثور إبراهيم بن خالد الكلبي ثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا ينزع الله العلم من ... » باللفظ الذي ساقه المؤلف. وذكره المؤلف بلفظه في كتابه «إعلام الموقعين»: (٢/ ٩٥).
(٣) عند البخاري (١٠٠)، ومسلم الموضع السالف.