للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال القاضي: والوجه فيه ما تقدَّم من حديث ابن عمر أنّه كان إذا رأى مصلِّيًا لا يرفع يديه في الصلاة حَصَبه (١). وهذا مبالغة، ولأن رفع اليدين في تكبيرة الإحرام مجمع عليها. قاله ابنُ المُنذر في «خلافه» (٢) قال: «لم يختلف أهل العلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، واختلفوا في الحدِّ الذي يرفع إليه». وإذا كان مُجْمعًا عليه فمُنْكِره يكون مبتدعًا لمخالفته الإجماع (٣).

المسألة الثالثة: هل يُهْجَر من تركه أو أُمِرَ به فلم يفعله أم لا؟

قال الخلال في كتاب «العلم»: «سُئل أحمد عن رجل يؤمّ قومًا يخالف في صلاته أحاديث جاءت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل رفع اليدين، فقال: أَخْبِره وعلِّمْه، قيل: إن أخبرته فلم ينته، قال: إن أخبرته عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فلم يقبل فاهجره».

وقيل لأحمد: عندنا قوم يأمرونا برفع اليدين في الصلاة، وقوم ينهونا عنه، فقال: لا ينهاك إلا مبتدع، فَعَل ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان ابن عمر


(١) تقدم مرارًا.
(٢) «الأوسط»: (٣/ ٧٢، ١٣٧).
(٣) نقل كلام القاضي في «الفروع»: (٢/ ٢٠٠). وقال ابن رجب تعليقًا على صنيع أحمد: «فلم يبدِّع إلا من نهى عن الرفع وجعله مكروهًا، فأما المتأوِّل في تركه من غير نهي عنه فلم يبدِّعه. قال: وقد حمل القاضي أبو يعلى قول أحمد: (إنه مبتدع)، على من ترك الرفع عندَ تكبيرة الإحرام. وهو بعيد» «الفتح»: (٤/ ٣٠٧).