للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

* وأما ردُّكم لحديث الصدّيق (١): بأنه لو كان صحيحًا لكان في السنن والمساند والصحاح، وكانت شهرته فوق شهرة غيره من الأحاديث.

فيقال: من العجائب ردّكم لهذا الحديث الصحيح بمثل هذا الكلام الذي لا حاصل له، واحتجاجكم بالمقطوعات والمراسيل التي بين الراوي وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها مفاوز تنقطع فيها الأعناق! وقد يكون بين المرسِل وبين النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيها أربعة أوخمسة أو أكثر، لا يُدْرَى من هم ولا تُعرف أحوالهم ألبتة (٢).

حتى لو أرسل مشايخ بَلْخ وخراسان وما وراء النهر الحديثَ لقلتم: هذا مرسل، والمرسل حُجّة في أصل قولنا! ثم تجيئون إلى حديث متصل الإسناد مثل الشمس، تطعنون فيه بأنه ليس في السنن والمسانيد المعروفة، وإذا جاءت تلك المراسيل التي لا تُعرف في شيء من كتب الحديث ألبتة، ولا يَعرفها أحدٌ من المحدِّثين، وليس في الدنيا لها إسناد يُعرف= لم يضرَّها أن لا تكون في المسانيد والسنن والصحاح، ولا تُحيل طِباع أهل العلم نقلها وضبطها.


(١) تقدم (ص/٨ - ٩، ١٤٦).
(٢) قال السرخسي في «المبسوط»: (٢٧/ ٢٦١): «والمراسيل حجة عندنا كالمسانيد أو أقوى من المسانيد؛ لأن الراوي إذا سمع الحديث من واحد لا يشق عليه حفظ اسمه فيرويه مسندًا وإذا سمعه من جماعة يشق عليه حفظ الرواية فيرسل الحديث!».