للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا عُرِف هذا فيقال: حديث ابن أبي الزناد هذا قد دلّ على أن حديث أبي بكر النّهشلي على أحد وجهين: إما أن يكون في نفسه سقيمًا أو يكون عليٌّ تَرَك الرفعَ في بعض الأحيان لعذر أو لسهو ونسيان، أو لبيان الجواز. وهذا أولى من ردِّ روايته عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالترك المجمل، وهذا مما لا يشكّ فيه منصف.

وحاشا لله أن يُظن بعليٍّ أن يروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - سنةً قد شاهدها هو وغيره، ثم يتركها ويستمرّ على تركها رغبةً عنها وكراهة لها. هذا مما لا يُظنّ بمن هو دون علي رضي الله عنه بكثير فكيف به! فحديث أبي بكر النّهشلي إذا صحّ ففيه الحجة على من يرى الرفع فرضًا في الصلاة مع إمكان منعه للاحتجاج به عليه، إذ الحجةُ عندَه في روايته، لا في رأيه ومذهبه.

فصل

* وأما ردّكم لحديث مالك بن الحُوَيرث باضطرابه (١)، فقد برَّأه الله من الاضطراب، ورميه بالاضطراب من باب بَغْي البريء العَنَتَ (٢)، ومِن تَكَلُّف ردِّ السُّنن نُصْرةً لآراء الرجال.


(١) تقدم تخريجه (ص/١٥)، ودعواهم الاضطراب (ص/١٤٨ - ١٤٩).
(٢) أي من باب اتهام البريء بالخطأ، وطلب العيب له. انظر «النهاية في غريب الحديث»: (٣/ ٣٠٦).