فيا سبحان الله! أيُّ اضطرابٍ وتناقض بين قوله:«حتى يحاذي بهما أُذنيه»، وقوله:«فروع أُذنيه»؟ أفترى إذا حاذى فروع الأذنين لم يصحّ أن يقال: حاذى الأذنين!
وكذلك قوله:«قريبًا من أُذُنيه»، وقوله في اللفظ الآخر:«حَذْو مَنْكِبيه»، أراد به أن يكون أسافل اليدين حذو المنكبين، ورؤوس الأصابع حذو فروع الأذنين، فأيُّ اضطراب واختلاف في هذا غير مخالفته لقولكم؟ ولو ساغ لأحدٍ ردّ السُّنن بمثل هذا التوهُّم الباطل لأفلس العلماء من كثير من السنن التي عليها مدار الدين، والله المستعان.
قالوا: وأما قولكم: لعل مالك بن الحويرث رآه مرةً أو مرتين، فكيف يُقدَّم على حديث من لعله قد صلى معه عشرين ألف صلاة (١)؟! فهذا لو انفرد به مالك بن الحويرث لم يسغ ردّه بمثل هذا، فإن روايته تضمنت زيادة على ما رواه غيره، فكيف وقد رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من تقدم ذكرهم.
قالوا: وهلَّا رددتم حديثَ وضع الأيدي على الرُّكَب، مع أنه حديث فَرْد بحديث ابن مسعود وقلتم: لعله قد صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرين ألف صلاة؟
وأيضًا: فعبدالله بن عمر قد صلى معه نحو هذه الصلوات، فهلَّا كانت صلاته معه كذلك وطول صحبته له موجبةً لقبول روايته عنه - صلى الله عليه وسلم -، مع تضمّنها زيادةَ إثباتٍ خفيت على ابن مسعود؟