للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

[قول من أوجب الرفع عند تكبيرة الإحرام]

وأما مذهب أبي محمد بن حزم (١): أنه يجب رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام ويُسنُّ فيما عداها عند كلّ خفض ورفع، فإنه احتجَّ على وجوب الرّفع عند تكبيرة الإحرام بأنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَعَلَه، وقال: «صلّوا كما رأيتموني أصلي» (٢)، ولم يثبت عنه ترك الرَّفع في هذا الموضع، بل جميع الأحاديث متفقة على الرَّفع عند الافتتاح فعلًا، وقد أمر الأمّة أن يصلوا كصلاته.

وأما استحباب الرفع فيما عدا تكبيرة الإحرام؛ فلِفِعله - صلى الله عليه وسلم - الذي قد صحَّ عنه. فأما حديث البراء بن عازب وابن مسعود (٣): أنه رفعهما في تكبيرة الإحرام ثم لم يَعُد؛ فهذا يدلُّ على أنه ليس بواجب، وفِعْله له يدلّ على أنه مستحبّ، فلذلك قلنا بكونه سنّة فيما عدا تكبيرة الافتتاح، وفرضًا في تكبيرة الافتتاح.

قال أبو داود (٤): ثنا [عبيدالله بن عمر] (٥) بن ميسرة الجُشَمي، ثنا


(١) انظر «المحلى»: (٣/ ٢٣٤ - ٢٣٦). وقال: إنه قول الأوزاعي وبعض من متقدمي الظاهرية. أقول: وهو اختيار الحافظ أحمد بن سيار المروزي (ت ٢٦٨) ذكره النووي في «المجموع»: (٣/ ٣٩٩) وقال: إنه خالف الإجماع. وانظر في ترجمته «السير»: (١٢/ ٤١٠).
(٢) أخرجه البخاري (٦٨٣) من حديث مالك بن الحويرث، وأصله في مسلم (٦٧٤).
(٣) تقدم تخريجهما (ص ٤٣ - ٥٠، ٥٠ - ٨٣).
(٤) (٧٢٣).
(٥) الأصل و (ف): «عبدالله بن ميسرة»، والمثبت من «السنن».