للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا ريب أنا إذا قِسْنا هذه الأمصار بالكوفة، وفقهاءَها بفقهائها كثرةً وعلمًا وحديثًا، كان أتباع أهل هذه الأمصار أولى، لو لم يكن من جانبهم إلا الترجيح بذلك، كيف ومعهم من الصحابة من سمّينا؟!

ويا لله العجب! هلّا كان الشعبي أعلم الناس بالسُّنة في أكثر من مائة مسألة لقوَّته فيها، وكثير منها يكون الحديث فيها من جانبه، فلم يكن هناك أعلم الناس بسنةٍ ماضية لأنه قد خالفكم، وكان هنا لموافقتكم في هذه المسألة أعلم الناس بالسنة، فالعيار إنما هو موافقتكم ومخالفتكم، فمن وافقكم فهو أعلم الناس، ومن خالفكم (١) نزل عن هذه الرتبة!

وهلَّا كان سفيان الثوري أمير المؤمنين في الحديث في فتاويه وأقواله التي خالفكم فيها!

وقد بيَّنَّا بعضَ خلافكم لابن مسعود فيما تقدم (٢) فضلًا عن أصحابه، فهلَّا كان ابن مسعود (٣) في تلك المسائل أفقه الناس صاحبًا!

وأما قولكم: إنه نزل بالكوفة أربعمائة من الصحابة، فهذا من حُجج منازعيكم عليكم، فإنه لم يُحفظ عن أحدٍ منهم ترك الرفع إلا ابن مسعود (٤) وحده، ولو كانوا كلهم على ترك الرفع لنُقِل ذلك عنهم ولو نَقْل


(١) سقطت من (ف).
(٢) (ص/٦٠ - ٨٣).
(٣) «فيما ... ابن مسعود» سقط من (ف).
(٤) زاد في (ف): «فقط»!