للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فجوابه: أنا لم نعتمد على حديثه بمجرّده حتى يلزمنا ما ذكرتم، بل العمدة على الأساطين التي لا تُغْمَز قناتُها ولا تُفَلّ شَبَاتُها، وهب أن رواية إسماعيل بن عيّاش لم تفد شيئًا ألبتة، فإن ذلك لا يضرّ الأحاديث الصحيحة شيئًا، كيف وإسماعيل بن عيَّاش من ثقات [ق ٧٢] الشاميين والحُفَّاظ المكثرين الذين لكثرة روايتهم يقع الوهم في بعض حديثهم، ومثل هؤلاء إنما يُتَّقى من حديثهم ما انفردوا به أو خالفوا فيه الأثبات، فيورث ذلك توقُّفًا فيما تفرّدوا به أو خالفوا فيه من هو أثبت منهم، فإذا روى أحدُهم ما هو معروف غير منكر، وهو ثقة في نفسه، لم يَسُغ ردّ حديثه.

ولا ريب أن إسماعيل بن عيَّاش لم يردّ أحدٌ من المحدِّثين حديثه كلّه، ولم يقبله كلّه، فالواجب نقدُ حديثه واعتبارُه.

والذي يُخاف من هذا الحديث أن يكون وَهِمَ في رفعه، فقد رواه محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة: «أنه كان إذا كَبّر رفعَ يديه، وإذا ركع (١)، وإذا رفع رأسَه من الرُّكوع»، رواه البخاري في كتاب «رفع اليدين» (٢) عن محمد بن الصلت، ثنا أبو شهاب عبدُ ربه، عن ابن إسحاق.

قال البخاري (٣): «وثنا سليمان بن حَرْب، ثنا يزيد بن إبراهيم، عن


(١) الأصل و (ف): «وإذا كبر وإذا ركع .. » سهو.
(٢) (ص/٦٠). وتابع أبا شهاب في الرواية عن ابن إسحاق إسماعيلُ بن علية. ذكره ابن عبدالبر في «التمهيد»: (٩/ ٢١٧).
(٣) (ص/٦١).