للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد الوهاب (١).

ولا يضره اختلاطه قبل موته كما قيل، فإنه روى هذا الحديث عن حُميد، وروايته عنه قديمة، فهو من أقدم شيوخه (٢)، ولهذا خرَّج البخاريّ (٣) حديثَه عن حُمَيد: «يا بني سَلِمة ألا تحتسبون آثاركم».

والذي يُخاف من هذا الحديث أن لا يكون رَفْعُه محفوظًا؛ إذ قد رواه الثقات الأثبات عن أنس موقوفًا عليه، فمَن قدّم الرفعَ كأنه زيادة من الثقة فلا إشكال، ومن قدَّم الوقف ههنا لكثرة الواقفين وتميّزهم بالحفظ والإتقان كان غايته أن يكون موقوفًا على أنس. وابنُ خُزيمة وغيره يصَحّحه مرفوعًا، والدارقطنيُّ يصحِّحه موقوفًا (٤). فإن كانا محفوظَين فالحجة قائمة به، وإن كان المحفوظ الموقوف لم يزدنا الاستشهادُ به إلا قوَّة وتثبيتًا، ويكون العمدة على غيره لا عليه وحده.


(١) ذكره البسوي في «المعرفة والتاريخ»: (١/ ٦٥٠).
(٢) كذا. وإنما البحث في تلاميذ عبد الوهاب، من منهم سمع منه قبل الاختلاط أو بعده، فالراوي عنه في هذا الحديث هو محمد بن يحيى بن فيّاض، فهل روى عنه قبل التغير أو بعده؟ ومع ذلك فقد دافع عنه الذهبي، قال في «السير»: (٩/ ٢٣٩ - ٢٤٠): «قلت: لكن ما ضره تغيره، فإنه لم يُحدِّث زمن التغير بشيء. قال العقيلي: حدثنا الحسين بن عبد الله الذارع، حدثنا أبو داود قال: تغير جرير بن حازم، وعبد الوهاب الثقفي، فحُجِب الناس عنهم» اهـ. وانظر «الكواكب النيرات»: (ص/٣١٤ - ٣١٩) لابن الكيّال.
(٣) (٦٥٥).
(٤) انظر ما تقدم (ص/١٨).