للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محمد بن عَمرو. وهكذا الحق يصدِّق بعضُه بعضًا.

وقد رواه الشافعي من حديث إسحاق بن عبد الله، عن عبَّاس بن سهل, عن أبي حُميد ومن مَعَه من الصحابة (١). ورواه فُلَيح بن [ق ٨٤] سليمان، عن عبَّاس, عن أبي حُميد (٢). وهذا لا ذِكْر فيه لمحمد بن عَمرو, وهو إسناد متّصل تقومُ به الحجّة، فلا ينبغي الإعراضُ عن هذا والتعلّق على عبدالحميد بن جعفر بالباطل.

ثم لو نزلنا عن هذا كلِّه، وضربنا عنه صفحًا إلى التسليم أن محمد ابن عَمرو لم يدرك أبا قتادة, فغايته أن يكون الوهم قد وقع في تسمية أبي قتادة وحده دون غيره ممن معه. وهذا لا يوجب بمجرّده ترك الحديث جُملةً، والقدحَ فيه عند أحدٍ من الناس.

ولو كان كلُّ من غَلِط أو نسيَ واشتبه عليه اسم رجل بآخر سقطَ حديثُه= لغارت ينابيعُ العلم, وانقطعَ معينُه, وذهبت الأحاديث ــ إلا أقلها ــ من أيدينا، وعُطِّلت متونٌ وأسانيدُ هي أساس العلم، ويأبى اللهُ ذلك ورسولُه وورثةُ رسوله.

فهب محمد بن عَمرو غلط في تسمية أبي قتادة وذِكْره، أيلزم من ذلك أن يكون ذِكْر باقي الصحابة غلطًا، ويقدحُ في قوله: «سمعت أبا حميد» , و «رأيت


(١) ذكره البيهقي في «معرفة السنن»: (١/ ٥٤٤) قال: «قال الشافعي في القديم: أخبرنا رجل قال: أخبرني إسحاق بن عبد الله .. » به.
(٢) تقدم (ص/٢٤٨ - ٢٤٩) وأنه عند أبي داود والترمذي.