للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجماعة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرفعون، فليس فِعْلُ بعضهم حجّةً على فعل بعض، بل الحجّة على [ق ٩١] جميعهم ما صحَّ عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -.

وعلى كلِّ حال، فإن كان ابن مسعود وعليٌّ لا يرفعان، فما جاء عنهما قطُّ أنهما كرها الرّفع ولا نهيا عنه كما يفعل هؤلاء». انتهى كلامه.

فمن سلك هذه الطريقة ولم يصح عنده خبر ابن مسعود والبراء بن عازب= أوجب الرفعَ في المواطن التي صحَّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرفعَ فيها، كما قال عليّ بن المديني: حقٌّ على المسلمين أن يرفعوا أيديهم على حديث ابن عمر (١). وكان عبد الله بن عمر يحصب من لم يرفع يديه (٢).

ولا ريب أنّ الرّفع في الصلاة مراتب؛ أقواها: الرّفع عند تكبيرة الافتتاح، ويليه: الرّفع عند الرّكوع والرّفع منه، ويليه: الرّفع عند النهوض من الرّكعتين، ويليه: الرّفع عند السّجود والرفع منه. ومن تدبر الأحاديث ومخارِجَها ومراتبها تبين له ذلك، والله أعلم.

وليس هذا الترتيب لأجل الاختلاف، ولكن هو مقتضى الأحاديث، وبه يُجْمَع بينها.

ولا ريب أن أحاديث الرّفع في كلّ خفضٍ ورفع ليست باطلةً بأسرها، وليست في القوّة والشهرة كأحاديث الرّفع في المواطن الثلاثة. ولا ريب أنَّ من الصحابة من كان لا يرفع يديه عند الرّكوع والرّفع منه، ولم يكن


(١) تقدم (ص ٣٠).
(٢) تقدم (ص ٣٢).