وكذلك شأن الملائكة.. ألا ترى إلى قول الله تعالى:(وَما مِنَّا إِلا لَهُ مَقامٌ مَعلُوم) . فهذا المقام ليس مقاما لأجسامهم، إنما هى مقام أعمالهم.
وكذلك مراكز الموحدين إنما هى مراكز أعمالهم بين يدى الله تعالى. ثم لقلوبهم مقاوم. وقد تتفاوت المراكز بألف ألف درجة، وأكثر من ذلك مما لا يحصيه العدو تفاوتا. وإنما قيل للملائكة مقاوم، وللموحدين مراكز؛ لأن الموحدين هم أهل حرب يجاهدون الشيطان في ذات الله ويجاهدون نفوسهم، فلهم في جهادهم ألوية وروايات قد ركزوها بين يدى الله في محل عظيم في الملكوت، إليها ترفع أعمال العباد، ثم يبعث بها إلى الخزائن، ومنها ما لا يبعث، ولكن يختالها وجه رب العالمين فيضعه عنده لنظرته إليها إلى يوم البعث لحبه إياهم. ومقاوم أعمالهم معلومة من وراء ذلك، كل على درجته.
فهذا النائح إنما ينوح على فوت ما لا يقدر على رده، فإذا استعمل أهل المصائب ذلك الفعل فهو محال وسمج، كأنهم يريدون رد الموت وحياة هذا الذى دعاه الله لوقته فأجابه.
وأما البكاء فزينة وحلية، فإذا كان البكاء لله تعالى، تهبطها رحمة ورأفة، قد عملت فيه، به الخوف بحرارة الرأفة وسالت