للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الدليل ولم يريدوا أن يوصفوا بالجهل، فقالوا: نحن الحنابلة فعابوا على غيرهم ممن يدرس بالدليل، ثم ازدادوا تعصُّبا، ويبررون لتعصبهم بأمور منها:

الأمر الأول: قوله: «أأنت أعلم من أحمد؟»، على أن هذا القول المذهبي ممكن لم يقل به أحمد، لذا قال الإمام محمد بن عبد الوهاب: وأكثر ما في «الإقناع» و «المنتهى» مخالفٌ لنصوص أحمد (١)، بل ممكن قال بخلافه، أو نسب إليه تخريجا، وليس منصوصا، والتخريج مختلف في نسبته إلى الإمام ومع ذلك يقال: قال به أحمد، ولو دققت لعلك لا تجد أحمد قال به، بل تجد أحمد قال بخلافه.

الأمر الثاني: قوله: لم تبلغ درجة الاجتهاد حتى تقول: قال الله كذا، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - كذا، وبقوله هذا رجعنا إلى إغلاق باب الاجتهاد، وقد لا يقولون بإغلاق باب الاجتهاد صراحة لكن يمنعون الاجتهاد بحجة أنك لم تبلغه ويَدعُون للتقليد والتعصب.

وجواب هذا أن يقال: إن الاجتهاد يتجزَّأ، وقد درسنا آلة الاستدلال والاستنباط، وهذه المسألة درستها، وظهر لي كذا وكذا، والآلة الاجتهادية تقول كذا وكذا، فبأيِّ حجة عند الله أخالف ذلك؟

وأخيرًا:

فكما يحارب التعصب للظاهرية باسم أهل الحديث، الذي بدأ يقل - ولله الحمد -، وإن كان لا يزال فكذلك يحارب التعصب للمذاهب.

وقد أصبح هؤلاء المتعصبون أصنافا وأحزابا يحارب بعضهم بعضا؛ حتى إني رأيت أحدهم في بلد ما يعيب على الذين يشرحون المذهب الحنبلي على طريقة فلان ...


(١) انظر: «حاشية الروض المربع» لابن قاسم (١/ ١٧ - ١٨).

<<  <   >  >>