٣٣٨٧ - وَأَشَارَ الشَّافِعِيُّ إِلَى مَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَبْدَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُقْرِئُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عَمِّهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: ٧٤] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ» ⦗٤٤٣⦘. فَلَمَّا نَزَلَتْ: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى قَالَ: اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ "
٣٣٨٨ - وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، فَذَكَرَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: عَنْ عَمِّهِ إِيَاسِ بْنِ عَامِرٍ الْغَافِقِيِّ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {فَسَبِّحِ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: ٧٤] قَالَ لَنَا. وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ، عَنْ أَبِي تَوْبَةَ، وَمُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَيُّوبَ.
٣٣٨٩ - قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي سُنَنِ حَرْمَلَةَ: حَدِيثُ حُذَيْفَةَ غَيْرُ مُخَالِفٍ حَدِيثَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، ثُمَّ أَشَارَ إِلَى أَنَّ حَدِيثَ حُذَيْفَةَ فِي أَدْنَى الْكَمَالِ. .
٣٣٩٠ - قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَيُسَبِّحُ، كَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَعْنِي فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ، وَيُقَالُ كَمَا قَالَ: يَعْنِي فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ.
٣٣٩١ - قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَحَدِيثُ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ جَامِعٌ لَهَا مَعًا، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِتَعْظِيمِ الرَّبِّ فِيهِ، وَالتَّسْبِيحِ الَّذِي رَوَى حُذَيْفَةُ، وَالْقَوْلِ الَّذِي رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ مِنْ تَعْظِيمِ الرَّبِّ جَلَّ ثَنَاؤُهُ
٣٣٩٢ - قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ: رَوَى الطَّحَاوِيُّ، رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاهُ، مَا ⦗٤٤٤⦘ رَوَيْنَا هَاهُنَا، وَفِي كِتَابِ السُّنَنِ مِنَ الْأَحَادِيثِ، فِيمَا يُقَالُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، ثُمَّ ادَّعَى نَسْخَهَا بِحَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، فَكَأَنَّهُ عَرَضَ بِقَلْبِهِ حَدِيثَ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَمْرِ بِالدُّعَاءِ فِي السُّجُودِ، وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ حِينَ كَشَفَ السِّتَارَةَ، وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ، أَوْ تُرَى لَهُ،
٣٣٩٣ - ثُمَّ ذَكَرَ مَا رُوِّينَا فِي إِسْنَادِ الشَّافِعِيِّ فَيَتَحَيَّرُ فِي الْجَوَّابِ عَنْهُ، فَأَتَى بِكَلَامٍ بَارِدٍ، فَقَالَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، قَبْلَ وَفَاتِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ صَدْرَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ يَوْمِ الإِثْنَيْنِ، وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ.
٣٣٩٤ - وَقَدْ رُوِّينَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَانَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ، وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ بِـ: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ وَرُبَّمَا اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَقَرَأَ بِهِمَا "
٣٣٩٥ - وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ بِـ: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ " ⦗٤٤٥⦘
٣٣٩٦ - وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ،
٣٣٩٧ - وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، كَانَ قَدْ نَزَلَ قَبْلَ ذَلِكَ بِزَمَانٍ كَثِيرٍ،
٣٣٩٨ - وَرُوِّينَا الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فِي الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ، فِي هِجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَمَا قَدِمَ يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ حَتَّى قَرَأْتُ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فِي سُورَةٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ.
٣٣٩٩ - وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ فِي قِصَّةِ مَنْ خَرَجَ مِنْ صَلَاتِهِ حِينَ افْتَتَحَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَمَرَهُ أَنْ يَقْرَأَ: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَوَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وَنَحْوَ ذَلِكَ " وَكَانَ هَذَا أَيْضًا قَبْلَ مَرَضِهِ بِكَثِيرٍ.
٣٤٠٠ - وَقَدْ تَحَيَّرَ صَاحِبُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ فِي خَبَرِ مُعَاذٍ، وَصَارَ أَمْرُهُ إِلَى أَنْ حَمَلَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْفَرِيضَةِ خَلْفَ التَّطَوُّعِ، عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي وَقْتٍ يُصَلِّي فِيهِ الْفَرِيضَةَ الْوَاحِدَةَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ، وَذَلِكَ فِي زَعْمِهِ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ،
٣٤٠١ - فَنُزُولُ: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى عِنْدَهُ إِذًا فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ: فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ،
٣٤٠٢ - وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: فِي الْيَوْمِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، لِيَسْتَقِيمَ قَوْلُهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ،
٣٤٠٣ - وَهَذَا شَأْنُ مَنْ يُسَوِّي الْأَخْبَارَ عَلَى مَذْهَبِهِ، وَيَجْعَلُ مَذْهَبَهُ أَصْلًا، وَأَحَادِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبَعًا، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ ⦗٤٤٦⦘،
٣٤٠٤ - وَمَشْهُورٌ فِيمَا بَيْنَ أَهْلِ التَّفْسِيرِ، أَنَّ سُورَةَ: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَسُورَةَ الْوَاقِعَةِ، وَالْحَاقَّةِ، اللَّتَيْنِ فِيهِمَا {فَسَبِّحِ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: ٧٤]، نَزَلْنَ بِمَكَّةَ.
٣٤٠٥ - وَهُوَ فِيمَا رُوِّينَاهُ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَعِكْرِمَةَ، وَغَيْرِهِمَا.
٣٤٠٦ - فَكَيْفَ اسْتَجَازَ هَذَا الشَّيْخُ ادِّعَاءَ نَسْخِ مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ؟ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمْرِهِ بِالدُّعَاءِ فِي السُّجُودِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، بِمَا نَزَلَ مِنْ قَبْلِهِ بِدَهْرٍ طَوِيلٍ بِالتَّوَهُّمِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ