للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شَهَادَةُ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ ⦗٣٢٠⦘

٢٠١٢١ - كَلَامُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِ «أَدَبِ الْقَاضِي» يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ مَنْ يُعْرَفُ بِاسْتِحْلَالِ شَهَادَةِ الزُّورِ عَلَى الرَّجُلِ لِأَنَّهُ يَرَاهُ حَلَالَ الدَّمِ وَالْمَالِ، فَتُرَدَّ شَهَادَتُهُ بِالزُّورِ،

٢٠١٢٢ - أَوْ يَكُونَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَحِلُّ الشَّهَادَةَ لِلرَّجُلِ إِذَا وَثِقَ بِهِ، فَيُحَلِّفَهُ لَهُ عَلَى حَقِّهِ، وَيَشْهَدَ لَهُ بِالْبَتِّ بِهِ، وَلَمْ يَحْضُرْهُ وَلَمْ يَسْمَعْهُ، فَتُرَدَّ شَهَادَتُهُ مِنْ قِبَلِ اسْتِحْلَالِهِ لِلشَّهَادَةِ بِالزُّورِ،

٢٠١٢٣ - أَوْ يَكُونَ مِنْهُمْ مَنْ يُبَايِنُ الرَّجُلَ الْمُخَالِفَ لَهُ مُبَايَنَةَ الْعَدَاوَةِ لَهُ، فَتُرَدَّ شَهَادَتُهُ مِنْ جِهَةِ الْعَدَاوَةِ،

٢٠١٢٤ - ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَأَيُّهُمْ سَلِمَ مِنْ هَذَا أَجَزْتُ شَهَادَتَهُ،

٢٠١٢٥ - وَشَهَادَةُ مَنْ يَرَى الْكَذِبَ شِرْكًا بِاللَّهِ أَوْ مَعْصِيَةً لَهُ وَيُوجِبُ عَلَيْهَا النَّارَ أَوْلَى أَنْ تَطِيبَ النَّفْسُ عَلَيْهَا مِنْ شَهَادَةِ مَنْ يُخَفِّفُ الْمَأْثَمَ فِيهَا، وَكَأَنَّهُ لَا يَرَى بِكُفْرِهِمْ،

٢٠١٢٦ - وَقَدْ حَكَيْنَا عَنْهُ، وَعَنْ غَيْرِهِ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّينِ أَنَّهُمْ كَفَّرُوا الْقَدَرِيَّةَ، وَمَنْ أَنْكَرَ مِنْهُمْ صِفَاتِ اللَّهِ الذَّاتِيَّةَ نَحْوَ: الْكَلَامِ، وَالْعِلْمِ، وَالْقُدْرَةِ،

٢٠١٢٧ - فَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِالتَّكْفِيرِ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنْ نَفْيِ الصِّفَاتِ الَّتِي أَثْبَتَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِنَفْسِهِ فِي كِتَابِهِ، وَجُحُودِهِمْ لَهَا بِتَأْوِيلٍ بَعِيدٍ، وَلَمْ يُرِدْ كُفْرًا يَخْرُجُونَ بِهِ عَنِ الْمِلَّةِ لِاعْتِقَادِهِمْ إِثْبَاتَ مَا أَثْبَتَ اللَّهُ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنْ كَانُوا تَرَكُوا هَذَا الْأَصْلَ فِي بَعْضِ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ بِشُبْهَةٍ فَأَخْطَئُوا، كَمَا لَمْ يَخْرُجْ عَنِ الْمِلَّةِ مَنْ أَنْكَرَ إِثْبَاتَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ فِي الْمَصَاحِفِ كَسَائِرِ السُّوَرِ، لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنَ الشُّبْهَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

٢٠١٢٨ - وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: «الْقَدَرِيَّةُ مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ» ⦗٣٢١⦘،

٢٠١٢٩ - فَإِنَّمَا سَمَّاهُمْ مَجُوسًا لِمُضَاهَاةِ بَعْضِ مَا يَذْهَبُونَ إِلَيْهِ مَذَاهِبَ الْمَجُوسِ

٢٠١٣٠ - وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً»

٢٠١٣١ - قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْفِرَقَ كُلَّهَا غَيْرُ خَارِجِينَ مِنَ الدِّينِ؛ إِذِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَهُمْ كُلَّهُمْ مِنْ أُمَّتِهِ، وَأَنَّ الْمُتَأَوِّلَ لَا يَخْرُجُ مِنَ الْمِلَّةِ، وَإِنْ أَخْطَأَ فِي تَأْوِيلِهِ

٢٠١٣٢ - قَالَ أَحْمَدُ: وَسَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ الْعَبْدَوِيَّ يَقُولُ: لَمَّا قَرُبَ حُضُورُ أَجَلِ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي دَارِي بِبَغْدَادَ دَعَانِي، فَأَتَيْتُهُ، فَقَالَ: «اشْهَدْ عَلَى أَنِّي لَا أُكَفِّرُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْقِبْلَةِ؛ لِأَنَّ الْكَلَّ يُشِيرُونَ إِلَى مَعْبُودٍ وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا هَذَا كُلُّهُ اخْتِلَافُ الْعِبَارَاتِ» ⦗٣٢٢⦘

٢٠١٣٣ - قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ كَانُوا هَكَذَا - يَعْنِي أَهْلَ الْأَهْوَاءِ - فَاللَّاعِبُ بِالشَّطَرَنْجِ وَإِنْ كَرِهْنَا لَهُ، وَبِالْحَمَامِ وَإِنْ كَرِهْنَا لَهُ، أَخَفُّ حَالًا مِنْ هَؤُلَاءِ بِمَا لَا يُحْصَى وَلَا يُقَدَّرُ، فَأَمَّا إِنْ قَامَرَ رَجُلٌ بِالْحَمَامِ، أَوْ بِالشَّطَرَنْجِ رَدَدْنَا شَهَادَتَهُ

٢٠١٣٤ - قَالَ أَحْمَدُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَرُدَّ شَهَادَتَهُ إِذَا لَمْ يُقَامِرْ بِهِ لِمَا فِيهِ مِنَ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>