بَابٌ: الْحُكْمُ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ
١٥٦٦٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ , حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ , أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ , قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: مِنَ الْعِلْمِ الْعَامِّ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَحَدٍ لَقِيتُهُ , ⦗١٥⦘ فَحَدَّثَنِيهِ أَوْ بَلَغَنِي عَنْهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْعَرَبِ أَنَّهَا كَانَتْ قَبْلَ نُزُولِ الْوَحْيِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبَايُنٌ فِي الْفَضْلِ , وَيَكُونُ بَيْنَهَا مَا يَكُونُ بَيْنَ الْجِيرَانِ مِنْ قَتْلِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ , فَكَانَ بَعْضُهَا يَعْرِفُ لِبَعْضٍ الْفَضْلَ فِي الدِّيَاتِ , حَتَّى تَكُونَ دِيَةُ الرَّجُلِ الشَّرِيفِ أَضْعَافَ دِيَةِ الرَّجُلِ دُونَهُ , فَأَخَذَ بِذَلِكَ بَعْضَ مَنْ بَيْنَ أَظْهُرِهَا مِنْ غَيْرِهَا بِأَقْصَدَ مِمَّا كَانَتْ تَأْخُذُ بِهِ , فَكَانَتْ دِيَةُ النَّضِيرِيِّ ضِعْفَ دِيَةِ الْقُرَيْظِيِّ ,
١٥٦٦٤ - وَكَانَ الشَّرِيفُ مِنَ الْعَرَبِ إِذَا قُتِلَ تَجَاوَزُوا قَاتِلَهُ إِلَى مَنْ يَقْتُلُهِ مِنْ أَشْرَافِ الْقَبِيلَةِ الَّتِي قَتَلَهُ أَحَدُهَا , وَرُبَّمَا لَمْ يَرْضَوْا إِلَّا بِعَدَدٍ يَقْتُلُونَهُمْ , فَقُتِلَ بَعْضُ غَنِيِّ شَأْسِ بْنِ زُهَيْرٍ , فَجَمَعَ عَلَيْهِمْ أَبُوهُ زُهَيْرُ بْنُ جَذِيمَةَ , فَقَالُوا لَهُ: أَوْ بَعْضُ مَنْ يَذُبُّ عَنْهُمْ: سَلْ فِي قَتْلِ شَأْسٍ؟ فَقَالَ: إِحْدَى ثَلَاثٍ لَا تُرْضِينِي غَيْرُهَا , فَقَالُوا: مَا هِيَ؟ قَالَ: تُحْيُونَ لِي شَأْسًا , أَوْ تَمْلَئُونَ رِدَائِي مِنْ نُجُومِ السَّمَاءِ , أَوْ تَدْفَعُونَ إِلَيَّ غَنِيًّا بِأَسْرِهَا فَأَقْتُلَهَا , ثُمَّ لَا أَرَى أَنِّي أَخَذْتُ عِوَضًا ,
١٥٦٦٥ - وَقَتَلَ كُلَيْبًا وَائِلٌ , فَاقْتَتَلُوا دَهْرًا طَوِيلًا , وَاعْتَزَلَهُمْ بَعْضُهُمْ فَأَصَابُوا ابْنًا لَهُ , فَقَالَ: قَدْ عَرَفْتُمْ عُزْلَتِي , فَبُجَيْرٌ بِكُلَيْبٍ , وَكُفُّوا عَنِ الْحَرْبِ , فَقَالُوا: بُجَيْرٌ بِشِسْعِ كُلَيْبٍ , فَقَاتَلَهُمْ وَكَانَ مُعْتَزِلًا , ⦗١٦⦘
١٥٦٦٦ - قَالَ: فَيُقَالُ: إِنَّهُ نَزَلَ فِي ذَلِكَ وَغَيْرِهِ مِمَّا كَانُوا يَحْكُمُونَ بِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ هَذَا الْحُكْمَ الَّذِي أَحْكِيهِ بَعْدَ هَذَا , وَحَكَمَ اللَّهُ بِالْفِدَاءِ , فَسَوَّى فِي الْحُكْمِ بَيْنَ عِبَادِهِ: الشَّرِيفِ مِنْهُمْ وَالْوَضِيعِ: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: ٥٠] ,
١٥٦٦٧ - فَيُقَالُ: إِنَّ الْإِسْلَامَ نَزَلَ وَبَعْضُ الْعَرَبِ يَطْلُبُ بَعْضًا بِدِمَاءٍ وَجِرَاحٍ , فَنَزَلَ فِيهِمْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحَرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ١٧٨]