٨٤٥٨ - وَأَخْرَجَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ حَدِيثَ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا جَعَلَ نِصْفَ الصَّاعِ مِنَ الْحِنْطَةِ، عِدْلَ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، أَنْكَرَ ذَلِكَ أَبُو سَعِيدٍ، وَقَالَ: «لَا أُخْرِجُ فِيهَا إِلَّا الَّذِي كُنْتُ أُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»،
٨٤٥٩ - وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عِيَاضٍ، بِبَعْضِ مَعْنَاهُ، وَفِيهِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، بِإِثْبَاتِ: «أَوْ» فِيهِ،
٨٤٦٠ - وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ عَنْهُ ⦗١٩٦⦘.
٨٤٦١ - قَالَ أَحْمَدُ: وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ كَانَ بِالْمَدِينَةِ أَيَّامَ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَكَانَ يُعْطِي زَكَاةَ فِطْرِهِ وَأَهْلَ بَيْتِهِ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، فَمِنَ الْمُحَالِ أَنْ يَقَعَ هَذَا التَّعْدِيلُ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، ثُمَّ إِذَا فَعَلَ مُعَاوِيَةُ مِثْلَهُ يُنْكِرُهُ أَبُو سَعِيدٍ هَذَا الْإِنْكَارَ،
٨٤٦٢ - وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ قَالَ: قَالَ أَبُو سَعِيدٍ، وَذُكِرَ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ، فَقَالَ: " لَا أَخْرَجُ إِلَّا مَا كُنْتُ أُخْرِجُهُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ حِنْطَةٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ "، فَقَالَ: لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَوْ مُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ، فَقَالَ: «لَا، تِلْكَ قِيمَةُ مُعَاوِيَةَ، وَلَا أَقْبَلُهَا، وَلَا أَعْمَلُ بِهَا»،
٨٤٦٣ - أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الصَّيْدَلَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ الْبَجَلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، فَذَكَرَهُ،
٨٤٦٤ - وَكَذَلِكَ رَوَاهُ إِسْحَاقُ الْحَنْظَلِيُّ وَغَيْرُهُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، وَلَفْظَةُ «الْحِنْطَةُ» فِيهِ، إِنْ كَانَ مَحْفُوظًا، فَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: صَاعًا مِنْ طَعَامٍ فِي سَائِرِ الرِّوَايَاتِ الْحِنْطَةُ، إِلَّا أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْحُفَّاظِ وَهَّنُوهُ، وَزَعَمُوا أَنَّ الْمَحْفُوظَ: صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، صَاعًا مِنْ كَذَا، عَلَى طَرِيقِ التَّفْسِيرِ لِلطَّعَامِ بِمَا ذُكِرَ بَعْدَهُ،
٨٤٦٥ - إِلَّا أَنَّهُ قَدْ تَوَاتَرَتِ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ مِنَ الثِّقَاتِ الْأَثْبَاتِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ بِأَنَّ التَّعْدِيلَ إِنَّمَا كَانَ مِنْ مُعَاوِيَةَ رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاهُ، وَأَنَّهُ أَنْكَرَ مَا فَعَلَهُ مِنْ ذَلِكَ،
٨٤٦٦ - فَثَبَتَ بِحَدِيثِهِ، وَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ خَطَأُ الرِّوَايَاتِ الَّتِي ذُكِرَ فِيهَا فَرْضُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرِّ ⦗١٩٧⦘،
٨٤٦٧ - وَثَبَتَ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ التَّعْدِيلَ كَانَ مِنْ مُعَاوِيَةَ بِخِلَافِ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ جَمَاعَةِ الصَّحَابَةِ،
٨٤٦٨ - وَكَيْفَ يَجُوزُ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ فِيهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ يُنْكِرُهُ عَلَى مُعَاوِيَةَ؟
٨٤٦٩ - وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، فَرُوِيَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: صَاعٌ مِنْ حِنْطَةٍ، وَرُوِيَ نِصْفُ صَاعٍ،
٨٤٧٠ - وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ صَاعٌ، وَإِلَى مِثْلِهِ ذَهَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَبِهِ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ
٨٤٧١ - قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ زَعَمَ بَعْضُ مَنْ نَصَرَ قَوْلَ مَنْ قَالَ: يُجْزِئُ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ: أَنْ لَا حُجَّةَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا يُعْطُونَ مِنْ ذَلِكَ مَا عَلَيْهِمْ، وَيَزِيدُونَ فَضْلًا لَيْسَ عَلَيْهِمْ، وَاسْتَشْهَدَ بِرِوَايَةٍ رَوَاهَا، عَنِ الْحَسَنِ: أَنَّ مَرْوَانَ بَعَثَ إِلَى أَبِي سَعِيدٍ: أَنِ ابْعَثْ إِلَيَّ بِزَكَاةِ رَقِيقِكَ، فَقَالَ: أَبُو سَعِيدٍ: إِنَّ مَرْوَانَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ عَلَيْنَا أَنْ نُعْطِيَ لِكُلِّ رَأْسِ عَبْدٍ كُلَّ فِطْرٍ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ ⦗١٩٨⦘،
٨٤٧٢ - وَهَذَا إِنْ صَحَّ فَلِأَنَّ مَرْوَانَ إِنَّمَا كَانَ يُطَالِبُهُمْ، عَنْ كُلِّ رَأْسٍ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ عَلَى تَعْدِيلِ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: أَبُو سَعِيدٍ: قَدْ أَعْطَيْتُ ذَلِكَ فَلِمَ يُطَالِبْنِي بِالزِّيَادَةِ؟
٨٤٧٣ - وَقَدْ أَخْبَرَ فِي حَدِيثِ عِيَاضٍ بِمَا كَانَ يُخْرِجُهُ، وَأَنْكَرَ تَعْدِيلَ مُعَاوِيَةَ، فَكَيْفَ يَصِحُّ هَذَا عَنْهُ إِلَّا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَا،
٨٤٧٤ - وَلَوْ جَازَ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولُ فِي الطَّعَامِ: كَانُوا يُخْرِجُونَ بَعْضَهُ فَرْضًا، وَبَعْضَهُ فَضْلًا، لَجَازَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَقُولُ مِثْلَهُ فِي سَائِرِ الْأَجْنَاسِ، وَلَجَازَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَقُولُ: فِي الْمُدَّيْنِ: إِنَّمَا قَالَهُ فِيمَنْ لَمْ يَجِدْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَكِنَّ الْأَمْرَ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ