١٤٥ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ، وَحَدِّثُوا عَنِّي وَلَا تَكْذِبُوا عَلَيَّ» ⦗١٣٩⦘
١٤٦ - قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: هَذَا أَشَدُّ حَدِيثٍ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا وَعَلَيْهِ اعْتَمَدْنَا مَعَ غَيْرِهِ فِي أَنْ لَا نَقْبَلَ حَدِيثًا إِلَّا مِنْ ثِقَةٍ، وَنَعْرِفَ صِدْقَ مَنْ حَمَلَ الْحَدِيثَ مِنْ حِينَ ابْتُدِئَ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ بِهِ مُنْتَهَاهُ،
١٤٧ - فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى مَا وَصَفْتَ؟ قِيلَ لَهُ: أَحَاطَ الْعِلْمُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَأْمُرُ أَحَدًا بِحَالٍ أَنْ يَكْذِبَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا عَلَى غَيْرِهِمْ. فَإِذَا أَبَاحَ الْحَدِيثَ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَلَيْسَ أَنْ يَقْبَلُوا الْحَدِيثَ الْكَذِبَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَإِنَّمَا أَبَاحَ قَبُولَ ذَلِكَ عَمَّنْ حَدَّثَ بِهِ عَمَّنْ يُجْهَلُ صِدْقُهُ وَكَذِبُهُ، وَلَمْ يُبِحْهُ أَيْضًا عَمَّنْ يُعْرَفُ كَذِبُهُ؛ لِأَنَّهُ يُرْوَى عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ حَدَّثَ بِحَدِيثٍ وَهُوَ يَرَاهُ كَذِبًا فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبَيْنِ».
١٤٨ - قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَنْ حَدَّثَ عَنْ كَذَّابٍ لَمْ يَبْرَأْ مِنَ الْكَذِبِ؛ لِأَنَّهُ يَرَى الْكَذَّابَ فِي حَدِيثِهِ كَاذِبًا، وَلِأَنَّهُ لَا يُسْتَدَلُّ عَلَى أَكْثَرِ صِدْقِ الْحَدِيثِ وَكَذِبِهِ إِلَّا بِصِدْقِ الْمُخْبِرِ وَكَذِبِهِ إِلَّا فِي الْخَاصِّ الْقَلِيلِ مِنَ الْحَدِيثِ، وَذَلِكَ أَنْ ⦗١٤٠⦘ يُسْتَدَلَّ عَلَى الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ فِيهِ بِأَنْ يُحَدِّثَ الْمُحَدِّثُ مَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ، أَوْ يُخَالِفَهُ مَا هُوَ أَثْبَتُ وَأَكْثَرُ دِلَالَاتٍ بِالصِّدْقِ مِنْهُ.
١٤٩ - وَإِذْ فَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْحَدِيثِ عَنْهُ وَالْحَدِيثِ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالَ: «حَدِّثُوا عَنِّي وَلَا تَكْذِبُوا عَلَيَّ»
١٥٠ - فَالْعِلْمُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ يُحِيطُ أَنَّ الْكَذِبَ الَّذِي نَهَاهُمْ عَنْهُ هُوَ الْكَذِبُ الْخَفِيُّ، وَذَلِكَ الْحَدِيثُ عَمَّنْ لَا يُعْرَفُ صِدْقُهُ؛ لِأَنَّ الْكَذِبَ إِذَا كَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَا كَذِبَ أَعْظَمَ مِنْ كَذِبٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
١٥١ - قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ عُمَرُ يَأْمُرُنَا أَنْ لَا نَأْخُذَ إِلَّا عَنْ ثِقَةٍ،
١٥٢ - وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الشَّيْطَانَ لِيَتَمَثَّلُ فِي صُورَةِ الرَّجُلِ، فَيَأْتِي الْقَوْمَ فَيُحَدِّثُهُمْ بِالْحَدِيثِ مِنَ الْكَذِبِ، فَيَتَفَرَّقُونَ فَيَقُولُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ: سَمِعْتُ رَجُلًا أَعْرِفُ وَجْهَهُ وَلَا أَدْرِي مَا اسْمُهُ يُحَدِّثُ ⦗١٤١⦘،
١٥٣ - وَرُوِّينَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ