١٠٩٧٢ - وَبِإِسْنَادِهِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي تَمِيمَةَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ شُرَيْحٍ، أَنَّهُ قَالَ: «شَاهَدَانِ ذَوَا عَدْلٍ أَنَّكُمَا تَفَرَّقْتُمَا بَعْدَ رِضًا بِبَيْعٍ، أَوْ خَيَّرَ أَحَدُكُمَا صَاحِبَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ».
١٠٩٧٣ - قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَالْأَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ الْآثَارِ بِالْبُلْدَانِ ⦗١٩⦘
١٠٩٧٤ - قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رُوِّينَا فِي ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَجَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ،
١٠٩٧٥ - وَمَنْ تَرَكَ الْحَدِيثَ فَلَمْ يَقُلْ بِهِ حَمَلَهُ عَلَى مَا يُوَافِقُ مَذْهَبَهُ فَقَالَ: الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا فِي الْكَلَامِ،
١٠٩٧٦ - وَقَدْ أَجَابَ الشَّافِعِيُّ عَنْهُ فِيمَا قَرَأْتُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ بِإِسْنَادِهِ: بِأَنَّهُ مُحَالٌ لَا يَجُوزُ فِي اللِّسَانِ، إِنَّمَا يَكُونَانِ قَبْلَ التَّسَاوُمِ غَيْرَ مُتَسَاوِمَيْنِ، ثُمَّ يَكُونَانِ مُتَسَاوِمَيْنِ قَبْلَ التَّبَايُعِ، ثُمَّ يَكُونَانِ بَعْدَ التَّسَاوُمِ مُتَبَايِعَيْنِ، وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِمَا اسْمُ مُتَبَايِعَيْنِ حَتَّى تَبَايَعَا وَتَفَرَّقَا فِي الْكَلَامِ عَلَى التَّبَايُعِ.
١٠٩٧٧ - ثُمَّ بَسَطَ الْكَلَامَ فِي الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ وَالِاسْتِشْهَادِ بِحَدِيثِ الصَّرْفِ وَالِاسْتِدْلَالِ بِقَوْلِ عُمَرَ، وَهُوَ الرَّاوِي عَلَى مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَاءَ وَهَاءَ» أَنَّهُ إِنَّمَا هُوَ لَا يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَتَقَابَضَا،
١٠٩٧٨ - ثُمَّ قَالَ: أَرَأَيْتَ لَوِ احْتَمَلَ اللِّسَانُ مَا قُلْتَ وَمَا قَالَ مَنْ خَالَفَكَ أَمَا يَكُونُ مَنْ قَالَ بِقَوْلِ الرَّجُلِ الَّذِي سَمِعَ الْحَدِيثَ أَوْلَى أَنْ يُصَارَ إِلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي سَمِعَ الْحَدِيثِ، فَلَهُ فَضْلُ السَّمَاعِ وَالْعِلْمِ بِمَا سَمِعَ وَبِاللِّسَانِ؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: فَلِمَ لَمْ تُعْطِ هَذَا ابْنَ عُمَرَ وَهُوَ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا»؟ قَالَ: كَانَ إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا يُعْجِبُهُ أَنْ يَجِبَ لَهُ فَارَقَ صَاحِبَهُ فَمَشَى قَلِيلًا ثُمَّ رَجَعَ. أَخْبَرَنَا بِذَلِكُ سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ.
١٠٩٧٩ - قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ: وَلِمَ لَمْ تُعْطِ هَذَا أَبَا بَرْزَةَ، وَهُوَ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ» وَقَضَى بِهِ، وَقَدْ تَصَادَقَا بِأَنَّهُمَا تَبَايَعَا ⦗٢٠⦘ ثُمَّ كَانَا مَعًا لَمْ يُفَرِّقَا فِي لَيْلَتِهِمَا، ثُمَّ غَدَوَا إِلَيْهِ، فَقَضَى أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْخِيَارَ فِي رَدِّ بَيْعِهِ؟.
١٠٩٨٠ - قَالَ أَحْمَدُ: وَزَعَمَ بَعْضُ مَنْ يَدَّعِي الْعِلْمَ بِالْآثَارِ وَيُرِيدُ تَسْوِيَتَهُمَا عَلَى مَذْهَبِهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَدْ قَالَ: مَا أَدْرَكَتْهُ الصَّفْقَةُ حَيًّا فَهُوَ مِنْ مَالِ الْمُبْتَاعِ، فَدَلَّ أَنَّهُ كَانَ يَرَى تَمَامَ الْبَيْعِ بِالْقَوْلِ قَبْلَ الْفُرْقَةِ،
١٠٩٨١ - وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، لَا يُنَافِي مَذْهَبَهُ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَنْتَقِلُ بِالصَّفْقَةِ مَعَ ثُبُوتِ الْخِيَارِ،
١٠٩٨٢ - وَقَدْ قِيلَ: إِذَا تَفَرَّقَا وَلَمْ يُخَيَّرْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا انْفَسَخَ، فَقَدْ عَلِمْنَا انْتِقَالَ الْمِلْكِ بِالصَّفْقَةِ، ثُمَّ كَانَ هُوَ يَرَى الْمَبِيعَ فِي يَدِ الْبَائِعِ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، وَغَيْرُهُ يَرَاهُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ مَعَ ثُبُوتِ الْخِيَارِ فِيهِ حَتَّى يَتَفَرَّقَا أَوْ يُخَيِّرَا فِي قَوْلِهِ،
١٠٩٨٣ - وَقَوْلُنَا: وَلَوْ قَبَضَهُ الْمُبْتَاعُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ حَتَّى يَكُونَ مِنْ ضَمَانِهِ فِي قَوْلِنَا أَيْضًا لَمْ يَمْنَعْ ثُبُوتَ الْخِيَارِ، كَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَقْبَضْهُ عِنْدَهُ، وَإِذَا لَمْ يَمْنَعْ قَوْلَنَا: إِنَّهُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ لُزُومَ الْبَيْعِ، لَمْ نَمْنَعْ قَوْلَهُ: إِنَّهُ مِنْ ضَمَانِ الْمُبْتَاعِ ثُبُوتَ الْخِيَارِ،
١٠٩٨٤ - وَزَعَمَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ، أَنَّهُمَا كَانَا قَدْ تَفَرَّقَا بِأَبْدَانِهِمَا لِأَنَّ فِيهِ: أَنَّ الرَّجُلَ قَامَ يُسْرِجُ فَرَسَهُ، وَقَوْلُ أَبِي بَرْزَةَ حِينَ وَجَدَهُمَا مُتَنَاكِرَيْنِ، أَحَدُهُمَا يَدَّعِي الْبَيْعَ وَالْآخَرُ يُنْكِرُهُ: مَا أُرَاكُمَا تَفَرَّقْتُمَا، أَيِ الْفُرْقَةُ الَّتِي يَتِمُّ بِهَا الْبَيْعُ، وَهِيَ الْفُرْقَةُ بِالْكَلَامِ، فَسَوَّى الْحَدِيثَ هَكَذَا عَلَى مَذْهَبِهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُمَا كَانَا بَاتَا مَعًا عِنْدَ الْفَرَسِ، وَحِينَ قَامَ الْبَائِعُ إِلَى فَرَسِهِ يُسْرِجُهُ لَمْ يَفْتَرِقْ بِهِمَا الْمَجْلِسُ،
١٠٩٨٥ - وَفِي رِوَايَةِ مُسَدَّدٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، فَأَتَى الرَّجُلُ يَعْنِي الْمُبْتَاعَ وَأَخَذَهُ بِالْبَيْعِ،
١٠٩٨٦ - وَفِي رِوَايَةِ هِشَامٍ، عَنْ جَمِيلٍ: أَلَيْسَ قَدْ بِعْتَنِيهَا؟ قَالَ: مَالِي فِي هَذَا الْبَيْعِ مِنْ حَاجَةٍ قَالَ مَا لَكَ ذَلِكَ، لَقَدْ بِعْتَنِي، فَإِنَّمَا تَنَازَعَا فِي لُزُومِ الْبَيْعِ،
١٠٩٨٧ - وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ أَنَّ صَاحِبَهُ أَنْكَرَ الْبَيْعَ، لَا فِي الْحَالِ وَلَا حِينَ أَتَيَا أَبَا بَرْزَةَ، فَالزِّيَادَةُ فِي الْحَدِيثِ لِيَسْتَقِيمَ التَّأْوِيلُ غَيْرُ مَحْمُودَةٍ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ