١١٧٩٠ - وَفِي رِوَايَةِ قَتَادَةَ، عَنْ خِلَاسٍ، عَنْ عَلِيٍّ: «إِذَا كَانَ فِي الرَّهْنِ فَضْلٌ فَإِنْ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَالرَّهْنُ بِمَا فِيهِ، وَإِنْ لَمْ تُصِبْهُ جَائِحَةٌ فَإِنَّهُ يَرُدُّ الْفَضْلَ» ⦗٢٣٨⦘.
١١٧٩١ - وَهَذِهِ أَصَحُّ الرِّوَايَاتِ عَنْ عَلِيٍّ، وَفِيهَا: أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ يَقُولُونَ: مَا رَوَى خِلَاسٌ، عَنْ عَلِيٍّ أَخَذَهُ مِنْ صَحِيفَةٍ
١١٧٩٢ - قَالَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ مِنَ الْحُفَّاظِ.
١١٧٩٣ - وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِثْلُ رِوَايَةِ عَبْدِ الْأَعْلَى، وَإِنَّمَا رَوَاهُ أَبُو الْعَوَّامِ عِمْرَانُ بْنُ دَاوَرَ الْقَطَّانُ، عَنْ مَطَرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
١١٧٩٤ - وَعِمْرَانُ بْنُ دَاوَرَ الْقَطَّانُ لَمْ يَحْتَجَّ بِهِ صَاحِبَا الصَّحِيحِ، وَضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ. وَكَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ لَا يُحَدِّثُ عَنْهُ، وَقَالَ: لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، كَتَبْتُ عَنْهُ أَشْيَاءَ فَرَمَيْتُ بِهَا.
١١٧٩٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ، يَقُولُ: عِمْرَانُ الْقَطَّانُ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَلَيْسَ هُوَ بِشَيْءٍ.
١١٧٩٦ - وَالْعَجَبُ أَنَّ بَعْضَ مَنْ يَدَّعِي تَسْوِيَةَ الْأَخْبَارِ عَلَى مَذْهَبِهِ يَطْعُنُ فِي مَطَرٍ الْوَرَّاقِ فِي مَسْأَلَةِ نِكَاحِ الْمُحْرِمِ، حِينَ رَوَى حَمَّادٌ، عَنْ مَطَرٍ، عَنْ رَبِيعَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ حَلَالًا». ثُمَّ يَحْتَجُّ ⦗٢٣٩⦘ بِرِوَايَةِ أَبِي الْعَوَّامِ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَيَجْعَلُ اعْتِمَادَهُ عَلَيْهِ، إِذْ لَيْسَ لَهُ فِيمَا يَرْوِي عَنْ غَيْرِهِ حَجَّةٌ كَمَا بَيَّنَهُ الشَّافِعِيُّ،
١١٧٩٧ - ثُمَّ إِنَّهُ ذَكَرَ حَدِيثَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ مَنْ أَدْرَكْتُ مِنْ فُقَهَائِنَا الَّذِينَ يُنْتَهَى إِلَى قَوْلِهِمْ، مِنْهُمْ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَذَكَرَ الْفُقَهَاءَ السَّبْعَةَ فِي مِسْبَحَةٍ مِنْ نُظَرَائِهِمْ أَهْلِ فِقْهٍ وَفَضْلٍ، فَذَكَرَ مَا جَمَعَ مِنْ أَقَاوِيلِهِمْ فِي كِتَابِهِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ أَنَّهُمْ قَالُوا: الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ إِذَا هَلَكَ وَعَمِيَتْ قِيمَتُهُ. وَيَرْفَعُ ذَلِكَ مِنْهُمُ الثِّقَةُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
١١٧٩٨ - وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا عَلَى أَنَّ ابْنَ الْمُسَيِّبِ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى تَضْمِينِ الرَّهْنِ، وَالرَّاوِي أَعْلَمُ بِتَأْوِيلِ الْخَبَرِ، دَلَّ أَنَّ مَعْنَى حَدِيثِهِ غَيْرُ مَا ذَهَبْتُمْ إِلَيْهِ،
١١٧٩٩ - قُلْنَا: لَيْسَ مِنَ الْإِنْصَافِ تَرْكُ شَيْءٍ مِنَ الْحَدِيثِ لِيَسْتَقِيمَ عَلَى الْبَاقِي،
١١٨٠٠ - وَمَا قَصَدَهُ مِنَ الِاحْتِجَاجِ بِهِ حَدِيثُ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، قَدْ أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الرَّفَّاءُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَعِيسَى بْنُ مِينَا قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ قَالَ: كَانَ مَنْ أَدْرَكْتُ مِنْ فُقَهَائِنَا الَّذِينَ يُنْتَهَى إِلَى قَوْلِهِمْ، فَذَكَرَ أَسْمَاءَهُمْ، ثُمَّ قَالَ: وَرُبَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الشَّيْءِ فَأَخَذْنَا بِقَوْلِ أَكْثَرِهِمْ.
١١٨٠١ - فَأَخْبَرَ أَبُو الزِّنَادِ، أَنَّ الَّذِي جَمَعَهُ وَاخْتَارَهُ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ قَوْلُ بَعْضِهِمْ، لَا قَوْلَ جَمِيعِهِمْ،
١١٨٠٢ - وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ خِلَافُ ذَلِكَ، دَلَّ أَنَّهُ لَمْ يَرَدَّهُ،
١١٨٠٣ - وَأَمَّا رِوَايَةُ الثِّقَةِ مِنْهُمْ فَهُوَ مُنْقَطِعٌ، كَحَدِيثِ عَطَاءٍ، وَفِيهِ زِيَادَةٌ لَيْسَتْ فِي حَدِيثِ عَطَاءٍ، وَهِيَ أَنَّهُ إِنَّمَا يَكُونُ بِمَا فِيهِ إِذَا عُمِّيَتْ قِيمَتُهُ ⦗٢٤٠⦘،
١١٨٠٤ - وَهَذَا أَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ فِي الْفَرَقِ بَيْنَ مَا يَظْهَرُ هَلَاكُهُ، مِثْلُ الدَّارِ وَالنَّخْلِ وَالْعَبْدِ، وَبَيْنَ مَا يَخْفَى هَلَاكُهُ، فَيَجْعَلُهُ بِمَا فِيهِ فِيمَا يَخْفَى هَلَاكُهُ، وَيَجْعَلُهُ أَمَانَةً فِيمَا يَظْهَرُ هَلَاكُهُ،
١١٨٠٥ - وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ هَلَاكُهُ،
١١٨٠٦ - وَالْمُحْتَجُّ بِهَذَا لَا يَقُولُ بِهِ فِيمَا يَخْفَى هَلَاكُهُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ، وَلَا يَقُولُ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ هَلَاكُهُ بِحَالٍ، فَمِنَ الْمُحَالِ أَنْ يَحْتَجَّ بِمَا لَا يَقُولُ بِهِ فِي أَكْثَرِ أَحْوَالِهِ، وَهُوَ عِنْدَنَا لَا حُجَّةَ فِيهِ لِانْقِطَاعهِ،
١١٨٠٧ - وَنَحْنُ لَمْ نَحْتَجَّ بِمَرَاسِيلِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ حَتَّى أَكَّدْنَاهَا بِمَا تَتَأَكَّدُ بِهِ الْمَرَاسِيلُ، ثُمَّ قَدْ رُوِّينَا مُرْسَلَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ مَوْصُولًا، فَقَامَتْ بِهِ الْحُجَّةُ،
١١٨٠٨ - وَاعْتَرَضَ الْمُحْتَجُّ بِهَذَا الْمُنْقَطِعِ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي تَأْوِيلِهِ قَوْلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ»، وَزَعَمَ أَنَّهُ يُخَالِفُ تَأْوِيلَ غَيْرِهِ،
١١٨٠٩ - وَالشَّافِعِيُّ قَدْ ذَكَرَ مَعَهُ تَأْوِيلَ غَيْرِهِ، وَاسْتَنْبَطَ مِنَ الْخَبَرِ مَعْنًى آخَرَ، وَهُوَ بِمَكَانِةٍ مِنَ اللُّغَةِ، وَكَوْنِهِ مِنْ أَرْبَابِ اللِّسَانِ دَارًا وَنَسَبًا، فَمِنَ الْغَبَاوَةِ الدُّخُولُ عَلَيْهِ فِيمَا يَقُولُهُ فِي اللُّغَةِ، ثُمَّ اعْتِمَادُهُ فِي الْقَدِيمِ وَالْجَدِيدِ عَلَى قَوْلِهِ: «الرَّهْنُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي رَهَنَهُ، لَهُ غُنْمُهُ، وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ»، وَلَمْ أَجِدْ لِقَائِلِ هَذَا عَلَيْهِ كَلَامًا سِوَى التَّخْصِيصِ، وَذَلِكْ لَا يُقْبَلُ مِنْ غَيْرِ دَلَالَةٍ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ