١٦٠١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: قَرَأْتُ فِي أَصْلِ كِتَابِ أَبِي أَحْمَدَ: مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْمَاسِرْجِيِّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ قَالَ: وَقَدْ زَعَمَ الْعَائِبُ يَعْنِي عَلَى الشَّافِعِيِّ، رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ تَرَكَ حَدِيثَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ الْمَشْهُوَرَ الْمَعْرُوفَ فِي التَّيَمُّمِ الَّذِي قَدْ ثَبَّتَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ، وَاحْتَجُّوا بِهِ، وَصَارَ إِلَى أَنِ احْتَجَّ بِرِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنِ ابْنِ الصِّمَّةِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَيَمَّمَ، فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ»
١٦٠٢ - فَشَنَّعَ عَلَى الشَّافِعِيِّ هَذَا التَّشْنِيعَ، وَهُوَ خُلُوٌّ مِنْ أَنْ تَلْزَمَهُ هَذِهِ الشَّنَاعَةُ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ: تَرَكَ حَدِيثَ فُلَانٍ، وَصَارَ إِلَى حَدِيثِ فُلَانٍ، أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثَانِ كِلَاهُمَا عِنْدَهُ، فَيَمِيلَ بِالْقَوْلِ إِلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ.
١٦٠٣ - فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ تَرَكَهُ، لَيْسَ هُوَ عِنْدَهُ فَيَكُونُ لَهُ تَارِكًا، وَذَلِكَ لِأَنَّ حَدِيثَ عَمَّارٍ الَّذِي صَارَ أَهْلُ الْحَدِيثِ إِلَى الْقَوْلِ بِهِ فِي التَّيَمُّمِ، هُوَ حَدِيثُ الْحَكَمِ، عَنْ ذَرٍّ، وَقَتَادَةَ، عَنْ عَزْرَةَ، كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمَّارٍ ⦗٢٤⦘،
١٦٠٤ - وَحَدِيثُ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنْ عَمَّارٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
١٦٠٥ - وَلَيْسَ فِي كِتَابِ الشَّافِعِيِّ، لَا الْمِصْرِيُّ، وَلَا الْبَغْدَادِيُّ، وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ.
١٦٠٦ - فَلِمَ اسْتَجَازَ الْعَائِبُ أَنْ يَعِيبَهُ، وَهُوَ فِي هَذَا خُلُوٌّ ظَاهِرٌ مِنَ الْعَيْبِ، وَلَكِنَّ عَائِبَهُ فِي هَذَا وَأَشْبَاهِهِ مُجَازِفٌ، وَمُقْدِمٌ عَلَى مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ،
١٦٠٧ - إِنَّمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِهِ: قَالَ عَمَّارٌ: «تَيَمَّمْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَنَاكِبِ»
١٦٠٨ - وَرُوِي عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ»،
١٦٠٩ - فَكَأَنَّ قَوْلَهُ: تَيَمَّمْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَنَاكِبِ، لَمْ يَكُنْ عَنْ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
١٦١٠ - فَإِنْ ثَبَتَ عَنْ عَمَّارٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ» وَلَمْ يَثْبُتْ: «إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ»، فَمَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى،
١٦١١ - وَبِهَذَا كَانَ يُفْتِي سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ.
١٦١٢ - هَذَا لَفْظُ قَوْلِهِ: فِي الْبَغْدَادِيِّ بَيِّنٌ، فَقَدْ أَعْطَى الْحَقَّ مِنْ نَفْسِهِ، وَلَمْ يَتْرُكْ لِلْعَائِبِ فِيهِ قَوْلًا، وَلَا لِعِتَابِهِ مَوْضِعًا.
١٦١٣ - وَقَدْ أَحْسَنَ الشَّاعِرُ فِي وَصْفِ الرَّجُلِ الْعَيَّابَةِ لِلْأَقْوَامِ، حَيْثُ يَقُولُ:
[البحر السريع]
رُبَّ عَيَّابٍ لَهُ مَنْظَرٌ ... مُشْتَمِلُ الثَّوْبِ عَلَى الْعَيْبِ
⦗٢٥⦘
١٦١٤ - قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ إِمَامُ أَهْلِ الرِّوَايَةِ، مِمَّا ذَبَّ عَنِ الشَّافِعِيِّ، رَحِمَهُ اللَّهُ: وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: فِيمَا حُكِيَ عَنْهُ، وَقَدْ رُوِيَ فِيهِ شَيْءٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُرِيدُ، «الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ»، وَلَوْ أَعْلَمُهُ ثَابِتًا لَمْ أُعِدْهُ، وَلَمْ أَشُكَّ فِيهِ، ثُمَّ سَاقَ مَا حَكَاهُ