للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٣٣٢٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَعْقُوبَ الْإِيَادِيُّ الْمَالِكِيُّ بِبَغْدَادَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ خَلَّادٍ النَّصِيبِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَخْضَرُ بْنُ عَجْلَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَكَا إِلَيْهِ الْفَاقَةَ، ثُمَّ عَادَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ أَهْلِ بَيْتٍ، مَا أُرَانِي أَرْجِعُ إِلَيْهِمْ حَتَّى يَمُوتَ بَعْضُهُمْ، فَقَالَ لَهُ: «انْطَلِقْ فَهَلْ تَجِدُ مِنْ شَيْءٍ؟» قَالَ: فَذَهَبَ، فَجَاءَ بِحِلْسٍ وَقَدَحٍ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، هَذَا الْحِلْسُ كَانُوا يَفْتَرِشُونَ بَعْضَهُ وَيَلْبَسُونَ بَعْضَهُ، وَهَذَا الْقَدَحُ كَانُوا يَشْرَبُونَ فِيهِ، فَقَالَ: «مَنْ يَأْخُذُهُمَا مِنِّي بِدِرْهَمٍ؟» فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ، فَقَالَ: «هُمَا لَكَ»، ثُمَّ دَعَا الرَّجُلَ، فَقَالَ: «اشْتَرِ بِدِرْهَمٍ طَعَامًا لِأَهْلِكَ، وَاشْتَرِ بِدِرْهَمٍ فَأْسًا، ثُمَّ ائْتِنِي»، فَأَتَاهُ، فَقَالَ: «انْطَلِقْ إِلَى هَذَا الْوَادِي، فَلَا تَدَعْ فِيهِ شَوْكًا، وَلَا حَاجًا، وَلَا حَطَبًا، وَلَا تَأْتِنِي خَمْسَ عَشْرَةَ» فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ ⦗٣٢٨⦘ فَأَصَابَ عَشْرَةً، فَاشْتَرَى طَعَامًا بِخَمْسَةٍ وَكِسْوَةً بِخَمْسَةٍ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: لَقَدْ بَارَكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِي فِيمَا أَمَرْتَنِي بِهِ، فَقَالَ: «وَهَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِيءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفِي وَجْهِكَ نَكْتُ الْمَسْأَلَةِ»، ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِثَلَاثَةٍ: لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ، أَوْ غُرْمٍ مُفْظِعٍ، أَوْ فَقْرٍ مُدْقِعٍ ".

١٣٣٢٨ - قَالَ أَحْمَدُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ الْمُخَرَّجُ فِي كِتَابِ أَبِي دَاوُدَ، يُوَافِقُ حَدِيثَ ابْنِ الْخِيَارِ فِي أَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَصْلُحُ بِالْفَقْرِ لِمَنْ لَهُ كَسْبٌ يَقُومُ بِكِفَايَتِهِ، وَيُوَافِقُ حَدِيثَ قَبِيصَةَ فِي أَنَّ الْمَسْأَلَةَ تَصْلُحُ لِمَنْ حَمَلَ حَمَالَةً فِي دَمٍ أَوْ لَزِمَهُ غُرْمٌ فِي مَالٍ، إِلَّا أَنَّهُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ رَأَى فِي الرَّجُلِ الَّذِي سَأَلَهُ قُوَّةً عَلَى الْكَسْبِ، فَأَمَرَهُ بِهِ، وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ بِالْفَاقَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكَسْبِ، وَأَبَاحَهَا لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ، وَذَلِكَ إِذَا عَجَزَ عَنِ الْكَسْبِ، وَلَا يَكُونُ لَهُ مَالٌ يَقُومُ بِكِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ عِيَالِهِ، فَتَكُونُ لَهُ الْمَسْأَلَةُ بِالْحَاجَةِ.

١٣٣٢٩ - وَفِي حَدِيثِ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ تَنْبِيهٌ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّهُ إِنَّمَا أَبَاحَ لَهُ الْمَسْأَلَةَ عِنْدَ تَحَقُّقِ الْفَاقَةِ، وَإِنَّمَا تَتَحَقَّقُ فَاقَتُهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ يُغْنِيهِ وَيُغْنِي عِيَالَهُ، وَلَا كَسْبَ يَقُومُ بِكِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ عِيَالِهِ، فَإِذَا كَانَ لَهُ أَحَدُهُمَا فَلَا تَتَحَقَّقُ فَاقَتُهُ.

١٣٣٣٠ - وَأَبَاحَ لَهُ الْمَسْأَلَةَ فِي الْجَائِحَةِ تُصِيبُ مَالَهُ فَتَجْتَاحَهُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ أَوْ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ، فَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ كِفَايَتُهُ وَكِفَايَةُ عِيَالِهِ، فَإِذَا كَانَ لَهُ كَسْبٌ يَقُومُ بِكِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ عِيَالِهِ، فَقَدْ أَصَابَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ، فَلَمْ يُجِزْ لَهُ أَخْذَ الصَّدَقَةِ بِالْفَاقَةِ، وَإِذَا كَانَ لَهُ كَسْبٌ ضَعِيفٌ لَا يَقُومُ بِكِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ عِيَالِهِ أَوْ مَالٌ، فَإِنْ بَلَغَ نِصَابًا لَا يَقُومُ بِكِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ عِيَالِهِ فَلَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ، حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ أَوْ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>