١٧٧٧٦ - وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَسْتَحِقُّوهَا حِينَ كَانَ قُدُومُهُمْ بَعْدَ تَقَضِّي الْحَرْبِ حَتَّى اسْتَأْذَنَ أَصْحَابَهُ فِي الْقَسْمِ لَهُمْ وَقَدْ ⦗١٦٣⦘ أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ عَنْبَسَةَ بْنَ سَعِيدٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «بَعَثَ أَبَانَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ عَلَى سَرِيَّةٍ مِنَ الْمَدِينَةِ قِبَلَ نَجْدٍ»، فَقَدِمَ أَبَانُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَصْحَابُهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْبَرَ بَعْدَ أَنْ فَتَحَهَا، وَإِنَّ حُزُمَ خَيْلِهِمْ لِيفٌ، فَقَالَ أَبَانُ: اقْسِمْ لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَا تَقْسِمُ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ أَبَانُ: أَنْتَ بِهَا يَا وَبْرُ تَحَدَّدَ عَلَيْنَا مِنْ رَأْسٍ ضَالٍّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجْلِسْ يَا أَبَانُ»، «وَلَمْ يَقْسِمْ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»
١٧٧٧٧ - قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَيُذْكَرُ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ
١٧٧٧٨ - وَهَذَا لِأَنَّ سَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْمَعْنَى، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنَ الثِّقَاتِ
١٧٧٧٩ - وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الزُّهْرِيُّ رَوَاهُ عَنْهُمَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبَانُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ: لَا تَقْسِمْ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَمْ يَقْسِمْ لِأَبَانَ وَقَسَمَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ بِإِذْنِ أَصْحَابِهِ كَمَا رُوِّينَا فِي حَدِيثِ خُثَيْمِ بْنِ عِرَاكٍ، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَانَ قَسَمُهُ لِمَنْ قَدِمَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَبَشَةِ مَعَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ
١٧٧٨٠ - وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فِي قِصَّةِ جَعْفَرٍ قَالَ: فَوَافَقْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ فَأَسْهَمَ لَنَا، أَوْ قَالَ: أَعْطَانَا مِنْهَا ⦗١٦٤⦘
١٧٧٨١ - فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ صَادَفُوهُ قَبْلَ نَقْضِ الْحَرْبِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَعْطَاهُمْ مِنْ سَهْمِهِ إِنْ كَانَ مَجِيئُهُمْ بَعْضَ مُضِيِّ الْحَرْبِ، أَوْ سَأَلَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُشْرِكُوهُ فِي مَقَاسِمِهِمْ، فَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ
١٧٧٨٢ - وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ أَشْرَكَ الْمَدَدَ فِي الْغَنِيمَةِ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرِ الْوَقْعَةَ، بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فِي غَنَائِمِ بَدْرٍ بِسَهْمٍ وَلَمْ يَحْضُرْهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ غَائِبًا فِي حَاجَةِ اللَّهِ وَحَاجَةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَهُ كَمَنْ حَضَرَهَا، فَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ غَابَ عَنِ الْوَقْعَةِ بِشُغْلٍ شَغَلَهُ بِهِ الْإِمَامُ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ
١٧٧٨٣ - وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هَذَا الْقَائِلُ يَبْطُلُ بِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَسَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نَوْفَلٍ، فَإِنَّهُمَا كَانَا خَرَجَا إِلَى الشَّامِ فِي تِجَارَةٍ لَهُمَا قَبْلَ خُرُوجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَدْرٍ، وَقَدِمَا بَعْدَمَا رَجَعَ مِنْ بَدْرٍ، فَكَلَّمَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَهْمِهِمَا، فَجَعَلَ لَهُمَا سَهْمَهُمَا، وَفِي نَصِّ الْكِتَابِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ غَنَائِمَ بَدْرٍ كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً، فَكَانَ يُعْطِي مِنْهَا مَنْ شَاءَ
١٧٧٨٤ - وَإِنَّمَا نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي تَخْمِيسِ الْغَنَائِمِ، وَقَسْمِهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ بَعْدَ بَدْرٍ
١٧٧٨٥ - وَبَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ لَا نَعْلَمُهُ قَسَمَ لِأَحَدٍ لَمْ يَحْضُرِ الْوَقْعَةَ كَمَا قَسَمَ لِمَنْ حَضَرَهَا، وَقَدْ ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَقَامَ بِحُجَّتِهِ
١٧٧٨٦ - قَالَ أَحْمَدُ: وَالَّذِي قَالَهُ هَذَا الْقَائِلُ يَبْطُلُ أَيْضًا بِقِصَّةِ أَبَانَ بْنِ سَعِيدٍ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بَعَثَهُ عَلَى سَرِيَّةٍ قِبَلَ نَجْدٍ، فَكَانَ قَدْ شَغَلَهُ بِشُغْلٍ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ لَمْ يَقْسِمْ لَهُ وَلَا لِأَصْحَابِهِ حِينَ قَدِمُوا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَرَجَ بِالْغَنِيمَةِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ ⦗١٦٥⦘،
١٧٧٨٧ - وَعُذْرُ هَذَا الْقَائِلِ بِأَنَّهُ إِنَّمَا لَمْ يَقْسِمْ لَهُمْ لِأَنَّهُ كَانَ شَغَلَهُمْ بِذَلِكَ قَبْلَ إِرَادَتِهِ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ يُخَالِفُ قَوْلَ صَاحِبِهِ الَّذِي يَنْصُرُ قَوْلَهُ، فَإِنَّهُ جَعَلَ الْغَنِيمَةَ لِكُلِّ مَنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ مَدَدًا قَبْلَ أَنْ يَخْرُجُوا بِهَا إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ ,
١٧٧٨٨ - ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَانَ وَعَدَ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتْحَ خَيْبَرَ حِينَ انْصَرَفَ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَكَانَ مُرِيدًا لِلْخُرُوجِ إِلَيْهَا بَعْدَمَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ فِي ذِي الْحِجَّةِ حِينَ خَرَجَ إِلَيْهَا فِي الْمُحَرَّمِ
١٧٧٨٩ - وَإِنَّمَا بَعَثَ أَبَانَ بْنَ سَعِيدٍ قُبَيْلَ خُرُوجِهِ ,
١٧٧٩٠ - ثُمَّ مَنِ الَّذِي شَرَعَ لِهَذَا الْقَائِلِ مَا يَشْرَعُ لِنَفْسِهِ حَتَّى تَرَكَ بِهِ خَبَرَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ أَبَانَ بْنِ سَعِيدٍ، وَتَرَكَ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي ذَلِكَ؟
١٧٧٩١ - وَقَدِ احْتَجَّ فِي تَرْكِ قِسْمَةِ الْأَرَاضِي بَيْنَ الْغَانِمِينَ بِفِعْلِ عُمَرَ، وَلَمْ يَعْتَدَّ بِخِلَافِ الزُّبَيْرِ وَبِلَالٍ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ إِيَّاهُمْ فِي طَلَبِ الْقِسْمَةِ، وَمَعَهُمْ خَبَرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِسْمَةِ خَيْبَرَ وَبَيَّنَ فِي قَوْلِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَطْلُبُ اسْتِطَابَةَ قُلُوبِهِمْ لِمَا رَأَى مِنَ الْمَصْلَحَةِ فِي وَقْفِهَا
١٧٧٩٢ - ثُمَّ اعْتَدَّ بِخِلَافِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ عُمَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حِينَ جَاءَ مَدَدٌ لِبَنِي عُطَارِدَ بَعْدَ الْوَقْعَةِ فَقَالَ: نَحْنُ شُرَكَاؤُكُمْ فِي الْغَنِيمَةِ، فَكَتَبَ فِي ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ فَكَتَبَ: إِنَّ الْغَنِيمَةَ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ وَلَيْسَ مَعَ عَمَّارٍ فِي ذَلِكَ خَبَرٌ، وَمَعَ عُمَرَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ خَبَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَكَتَبَ عُمَرُ كِتَابًا قَطَعَ بِأَنَّهَا لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ ⦗١٦٦⦘
١٧٧٩٣ - وَيُشْبِهُ أَنْ لَا يَكُونَ قَطَعَ بِمِثْلِهِ مِنْ جِهَةِ الرَّأْيِ وَمَعَهُ ظَاهَرُ الْقُرْآنِ، حِينَ أَضَافَ الْغَنِيمَةَ إِلَى مَنْ غَنَمِهَا، وَاقْتَطَعَ مِنْهَا الْخُمُسَ لِأَهْلِ الْخُمُسِ، وَإِنَّمَا غَنَمِهَا مَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ فَلَا يَكُونُ لِمَنْ شَهِدَهَا فِيهَا نَصِيبٌ إِلَّا مَا خَصَّتْهُ السُّنَّةُ مِنْ رَدِّ السَّرِيَّةِ عَلَى الْجَيْشِ، وَالْجَيْشُ عَلَى السَّرِيَّةِ إِذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا رَدًّا لِصَاحِبِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ