١٧٩٤٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: أَسَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَقِيلٍ فَأَوْثَقُوهُ فَطَرَحُوهُ فِي الْحَرَّةِ فَمَرَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ مَعَهُ، أَوْ قَالَ: أَتَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حِمَارٍ وَتَحْتَهُ قَطِيفَةٌ فَنَادَاهُ: يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا شَأْنُكَ؟» قَالَ: فَبِمَ أُخِذْتُ؟ وَفِيمَ أَخَذْتَ سَابِقَةَ الْحَاجِّ؟ قَالَ: «أُخِذْتَ بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكُمْ ثَقِيفٍ»، وَكَانَتْ ثَقِيفٌ قَدِ أَسَرَتْ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَرَكَهُ وَمَضَى، فَنَادَاهُ: يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ فَرَجَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ: «مَا شَأْنُكَ؟» فَقَالَ: إِنِّي مُسْلِمٌ قَالَ: «لَوْ قُلْتَهَا وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَكَ أَفْلَحْتَ كُلَّ الْفَلَاحِ» قَالَ: فَتَرَكَهُ وَمَضَى، فَنَادَاهُ: يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ: إِنِّي جَائِعٌ فَأَطْعِمْنِي قَالَ: وَأَحْسَبُهُ قَالَ: وَإِنِّي عَطْشَانٌ فَاسْقِنِي قَالَ: «هَذِهِ حَاجَتُكَ» قَالَ: فَفَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي نُسْخَةٍ أُخْرَى: فَفَادَاهُ بِالرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ أَسَرَتْهُمَا ثَقِيفٌ، وَأَخَذَ نَاقَتَهُ تِلْكَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ ⦗٢١٢⦘
١٧٩٤٤ - وَفِي حَدِيثِ إِسْحَاقَ: وَأُخِذَتْ نَاقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ،
١٧٩٤٥ - وَسُبِيَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَذَكَرَ قِصَّةَ الْمَرْأَةِ
١٧٩٤٦ - قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ وَحْدَهُ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ: «أُخِذْتَ بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكُمْ ثَقِيفٍ»، " إِنَّمَا هُوَ أَنَّ الْمَأْخُوذَ مُشْرِكٌ مُبَاحُ الدَّمِ وَالْمَالِ لِشِرْكِهِ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهِ، وَالْعَفْوُ عَنْهُ مُبَاحٌ، فَلَمْ يُنْكِرْ أَنْ يَقُولَ: «أُخِذْتَ أَيْ حُبِسْتَ بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكُمْ ثَقِيفٍ»، وَيَحْبِسُهُ بِذَلِكَ لِيَصِيرُوا إِلَى أَنْ يُخْلُوا مَنْ أَرَادَ
١٧٩٤٧ - وَقَدْ غَلَطَ بِهَذَا بَعْضُ مَنْ يُشَدِّدُ فِي الْوَلَايَةِ فَقَالَ: يُؤْخَذُ الْوَلِيُّ بِالْوَلِيِّ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا مُشْرِكٌ يَحِلُّ أَنْ يُؤْخَذَ بِكُلِّ جِهَةٍ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: «هَذَا ابْنُكَ؟» قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: «أَمَا إِنَّهُ لَا يَجْنِي عَلَيْكَ، وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ»
١٧٩٤٨ - وَقَضَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى
١٧٩٤٩ - فَلَمَّا كَانَ حَبْسُهُ هَذَا حَلَالًا بِغَيْرِ جِنَايَةِ غَيْرِهِ، وَإِرْسَالُهُ مُبَاحًا، جَازَ أَنْ يُحْبَسَ بِجِنَايَةِ غَيْرِهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ
١٧٩٥٠ - قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَسْلَمَ هَذَا الْأَسِيرُ، فَرَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَسْلَمَ بِلَا نِيَّةٍ قَالَ: «لَوْ قُلْتَهَا وَأَنْتَ تَمْلِكُ نَفْسَكَ أَفْلَحْتَ كُلَّ الْفَلَاحِ»، وَحُقِنَ بِإِسْلَامِهِ دَمُهُ ⦗٢١٣⦘، وَلَمْ يُحِلَّهُ بِالْإِسْلَامِ إِذْ كَانَ بَعْدَ إِسَارِهِ، وَإِذْ فَدَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ بِالرَّجُلَيْنِ فَهَذَا أَنَّهُ أَثْبَتَ عَلَيْهِ الرِّقَّ بَعْدَ إِسْلَامِهِ
١٧٩٥١ - قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا رَدٌّ لِقَوْلِ مُجَاهِدٍ؛ لِأَنَّ سُفْيَانَ أَخْبَرَنَا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: إِذَا أَسْلَمَ أَهْلُ الْعُنْوَةِ فَهُمْ أَحْرَارٌ، وَأَمْوَالَهُمْ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ، فَتَرَكْنَا هَذَا اسْتِدْلَالًا بِالْخَبَرِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
١٧٩٥٢ - قَالَ: وَإِذَا فَادَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ فَإِنَّمَا فَادَاهُ بِهِمَا أَنَّهُ فَكَّ الرِّقَّ عَنْهُ بِأَنْ خَلُّوا صَاحِبَيْهِ
١٧٩٥٣ - وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنْ لَا بَأْسَ أَنْ يُعْطِيَ الْمُسْلِمُونَ الْمُشْرِكِينَ كُلَّ مَنْ يَجْرِي عَلَيْهِ الرِّقُّ، وَإِنْ أَسْلَمَ، إِذَا كَانَ لَا يَسْتَرِقُّ، وَهَذَا الْعُقَيْلِيُّ لَا يَسْتَرِقُّ لِمَوْضِعِهِ فِيهِمْ
١٧٩٥٤ - وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ إِلَى أَنْ قَالَ: فَدَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْعُقَيْلِيُّ الَّذِي أَسْلَمَ وَرَدَّهُ إِلَى بَلَدِهِ، وَهِيَ أَرْضُ كُفْرٍ، لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُمْ لَا يَصُدُّونَهُ لِقَدْرِهِ فِيهِمْ وَشَرَفِهِ عِنْدَهُمْ "
١٧٩٥٥ - قَالَ أَحْمَدُ: وَمَنِ ادَّعَى نَسْخَ هَذَا الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ: {فَلَا تُرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: ١٠] فَالْآيَةُ فِي النِّسَاءِ، وَقَدْ رَدَّ أَبَا بَصِيرٍ بَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ حَتَّى انْفَلَتَ بِنَفْسِهِ، وَرَجَعَ الْعَبَّاسُ إِلَى مَكَّةَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ وَقَبْلَ الْفَتْحِ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَخَافُ أَنْ يَضُرُّوهُ أَوْ يُفْتَنَ عَنْ دِينِهِ لِشَرَفِهِ فِيهِمْ