للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٠٦٠٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ لِي بَعْضُ مَنْ خَالَفَنَا فِي الْمُدَبَّرِ: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ اعْتَمَدْتَ؟ قُلْتُ: «عَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي قَطَعَ اللَّهُ بِهَا عُذْرَ مَنْ عَلِمَهَا»

٢٠٦٠٧ - قَالَ: فَعِنْدَنَا فِيهَا حُجَّةٌ أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِكُمْ بَاعَهُ، وَلَمْ يَسْأَلْهُ صَاحِبُهُ بَيْعَهُ؟ قُلْتُ: «نَعَمْ، الْعِلْمُ يُحِيطُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ لَا يَبِيعُ عَلَى أَحَدٍ مَالَهُ إِلَّا فِيمَا لَزِمَهُ أَوْ بِأَمْرِهِ؟»

٢٠٦٠٨ - قَالَ: فَبِأَيِّهِمَا بَاعَهُ؟

٢٠٦٠٩ - قُلْتُ: " أَمَّا الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ آخِرُ الْحَدِيثِ فِي دَفْعِهِ ثَمَنَهُ إِلَى صَاحِبِهِ الَّذِي دَبَّرَهُ، فَإِنَّهُ دَبَّرَهُ، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ حِينَ دَبَّرَهُ، وَكَانَ يُرِيدُ ⦗٤٢٩⦘ بَيْعَهُ إِمَّا مُحْتَاجًا إِلَى بَيْعِهِ، وَإِمَّا غَيْرَ مُحْتَاجٍ، فَأَرَادَ الرُّجُوعَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَاعَهُ. فَكَانَ بَيْعُهُ دَلَالَةً عَلَى أَنَّ بَيْعَهُ جَائِزٌ لَهُ إِذَا شَاءَ، وَأَمَرَهُ: إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا أَنْ يَبْدَأَ بِنَفْسِهِ فَيُمْسِكَ عَلَيْهَا، نَرَى ذَلِكَ لِئَلَّا يَحْتَاجَ إِلَى النَّاسِ "

٢٠٦١٠ - قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ قَائِلٌ: رُوِّينَا عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّمَا بَاعَ خِدْمَةَ الْمُدَبَّرِ وَذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْقَدِيمِ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ

٢٠٦١١ - قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقُلْتُ لَهُ: «مَا رَوَى هَذَا، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، فِيمَا عَلِمْتُ أَحَدًا يَثْبُتُ حَدِيثُهُ، وَلَوْ رَوَاهُ مَنْ ثَبُتَ حَدِيثُهُ مَا كَانَ فِيهِ لَكَ الْحُجَّةُ مِنْ وُجُوهٍ»

٢٠٦١٢ - قَالَ: وَمَا هِيَ؟

٢٠٦١٣ - قُلْتُ: «أَنْتَ لَا تُثْبِتُ الْمُنْقَطِعَ لَوْ لَمْ يُخَالِفْهُ غَيْرُهُ، فَكَيْفَ تُثْبِتُ الْمُنْقَطِعَ يُخَالِفُهُ الْمُتَّصِلُ الثَّابِتُ؟»

٢٠٦١٤ - قَالَ الشَّافِعِيُّ: " وَلَوْ ثَبَتَ كَانَ يَجُوزُ أَنْ أَقُولَ: بَاعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَقَبَةَ مُدَبَّرٍ كَمَا حَدَّثَ جَابِرٌ، وَخِدْمَةَ مُدَبَّرٍ كَمَا حَدَّثَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ "

٢٠٦١٥ - ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: أَتَقُولُ: إِنَّ بَيْعَهُ خِدْمَةَ الْمُدَبَّرِ جَائِزٌ. قَالَا: لَا , لِأَنَّهَا غَرَرٌ. قُلْتُ: «فَقَدْ خَالَفْتَ مَا رَوَيْتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» قَالَ: فَلَعَلَّهُ بَاعَهُ مِنْ نَفْسِهِ؟ قُلْتُ: " جَابِرٌ يُسَمِّي: بَاعَهُ بِثَمَانِ مِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ نُعَيْمِ بْنِ النَّحَّامِ، وَيَقُولُ: عَبْدٌ قِبْطِيٌّ يُقَالُ لَهُ: يَعْقُوبُ مَاتَ عَامَ أَوَّلَ فِي إِمَارَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَكَيْفَ تَوَهَّمَ أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْ نَفْسِهِ؟ "، وَقُلْتُ لَهُ: رَوَى أَبُو جَعْفَرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فَقُلْتُ: " مُرْسَلٌ. وَقَدْ رَوَاهُ مَعَهُ عَدَدٌ فَطَرَحْتُهُ، وَرِوَايَتُهُ يُوَافِقُهُ عَلَيْهَا عَدَدٌ ⦗٤٣٠⦘ مِنْهَا حَدِيثَانِ مُتَّصِلَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ صَحِيحَةٌ ثَابِتَةٌ، وَهُوَ لَا يُخَالِفُهُ فِيهِ أَحَدٌ بِرِوَايَةِ غَيْرِهِ، وَأَرَدْتُ تَثْبِيتَ حَدِيثٍ رُوِّيتُهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، وَيُخَالِفُهُ فِيهِ جَابِرٌ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ شَيْئًا لَا يُخَالِفُهُ فِيهِ غَيْرُهُ، لَزِمَكَ، وَقَدْ بَاعَتْ عَائِشَةُ مُدَبَّرًا لَهَا فَكَيْفَ خَالَفْتَهَا مَعَ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنْتُمْ تَرْوُونَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ امْرَأَتِهِ، عَنْ عَائِشَةَ شَيْئًا فِي الْبُيُوعِ تَزْعُمُ، وَأَصْحَابُكَ أَنَّ الْقِيَاسَ غَيْرُهُ وَتَقُولُ: لَا أُخَالِفُ عَائِشَةَ، ثُمَّ تُخَالِفُهَا، وَمَعَهَا سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْقِيَاسُ "

٢٠٦١٦ - ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: فَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ؟ قُلْتُ: «بَلَى قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ أَنْ يُبَاعَ».

٢٠٦١٧ - قَالَ: لَسْنَا نَقُولُهُ وَلَا أَهْلُ الْمَدِينَةِ.

٢٠٦١٨ - قُلْتُ: «جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَائِشَةُ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَابْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَغَيْرُهُمْ يَبِيعُهُ بِالْمَدِينَةِ، وَعَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْمَكِّيِّينَ وَعِنْدَكَ بِالْعِرَاقِ مَنْ يَبِيعُهُ، وَقَوْلُ أَكْثَرِ التَّابِعِينَ بِبَيْعِهِ، فَكَيْفَ ادَّعَيْتَ فِيهِ الْأَكْثَرَ، وَالْأَكْثَرُ مِمَّنْ مَضَى عَلَيْكَ مَعَ أَنْ لَا حَجَّةَ لِأَحَدٍ مَعَ السُّنَّةِ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ وَفِي الْقِيَاسِ»

٢٠٦١٩ - قَالَ فِي الْقَدِيمِ: قَالَ: فَإِنَّ بَعْضَ أَصْحَابِكَ قَدْ قَالَ هَذَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: قُلْتُ لَهُ: «مَنْ يَتَّبِعْ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَافَقْتُهُ، وَمَنْ غَلَطَ فَتَرَكَهَا خَالَفْتُهُ صَاحِبِي الَّذِي لَا أُفَارِقُهُ اللَّازِمُ الثَّابِتُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنْ بَعُدَ، وَالَّذِي أُفَارِقُ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ قَرُبَ»

٢٠٦٢٠ - رَحِمَ اللَّهُ الشَّافِعِيَّ مَا كَانَ أَعْظَمَ فِي قَلْبِهِ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا كَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مُوَافَقَتَهَا وَأَشَدَّ عَلَيْهِ مُخَالَفَتَهَا. وَهَذَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَى كَافَّةِ الْمُكَلَّفِينَ، وَهَذَا الْفَرْضُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ يُوَفِّقُنَا لِذَلِكَ بِمَنِّهِ وَفَضْلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>