يوم الثلاثاء لستٍّ خلون من المحرم سنة اثنتين وتسعين وثلاث مائة. وولى الوَزَارة. فكانت مدته في خطة القضاء عشرة أعوام وثلاثة أشهر، وثلاثة وعشرين يوماً.
وكان: شَيْخاً مسمتاً، جميلا، وقوراً، حَلِيماً، مُتَواضعاً كثير الصّيام. وكانت أحكامه التي تولاها بنفسه قبل أن تضعف منَّته بعيدة من الخيف، لم تُحْفَظ له قضية جور، ولا غيّرته الدّنْيا، ولا أحالت منه شيئاً. وكان: باطنه كظاهره، سلامة ونزاهة. وقد حَدَّث: بكتاب البُخَاري عن أبي عليّ بن السّكن وقرأته عليه، وسمعه معنا جماعة من الشيوخ والكهول.
وكان: مجلسنا من أجل المجالس التي شهدناها بالأنْدَلُس وأَجَاز لي جميع ما رَواه، ولم يزل منذ صُرِف عن القضَاء مُلازماً لبيته، ضَعِيفاً عن الحركة إلى أن مات. وكانت وفاته (رحمه الله) : سحر ليلة الأحد لثمان بقين من جُمادى الآخرة سنة أربع وتسعين وثلاث مائة: ودفن يوم الاثنين صلاة العصر في مَقْبَرة قُرَيش. وصلى عليه ابنه. وكانت جنازته عظيمة مَشْهُورة من طبقات الناس. وكان: الثَّناء عليه حَسناً، والدّعاء له كَثيراً. وكان يوم تُوفِّيَ ابن ست وتسعين سنة وتسعة عشر يوماً. فسمعته يقول: مولدي سَنَة تسع وتسعين ومائتين. وبلغني: أنه ولد فيها لعشر خَلَوْنَ من رَجب.
١٣٩١ - محمد بن أحمد بن محمد القَيْسيّ، المعروف: بابن الخلَاّص: من أهل بَجَّانة؛ يُكَنَّى: أبَا عبد الله.
عنى بالسنن والآثار. رحل إلى المَشْرِق سنة خمسٍ وثلاثِ مائةٍ فتردد هنالك أعواماً، وسمع سماعاً كثيراً بمصر، والشَّام، وبمكَّة.
فممن سَمِع: منْهُ بمصر: أَبو محمد بن الوَرْد، وأبو أحمد الزَّايات، ومحمد بن الحارث القُرَشِيّ. ومحمد بن جعفر غندر، وعليّ بن الحسن بن علان الحَرَّاني، وحمزة بن محمد الكناني، وأبو جعفر أُسَامة وجماعة سوى هؤلاء. وقَالَ لي: كَتْبتُ بالمشرق عن مائة وسبعين شَيْخاً.