وقد جمع حديثاً كثيراً، وكُفّ بصره بعد قدومه من المشرق وسَمِعَ النّاس منه كثيراً، وسَمِعْتُ من ينسبه إلى الكذب.
وسألت محمد بن أحمد بن يحيى القَاضِي عنه فقالَ لِي: لم يكن كَذّاباً، ولكن كان ضعيف العقل.
وكان مسلمة صاحب رُقى، ونيرنْجات. وقَرَأتُ بخَطِّ بعض أصحابه: تُوفِّي مَسْلَمة آبن القاسم (رحمه الله) : يوم الاثنين لثمان بقين من جُمادي الأولى سنة ثلاث وخمسين وثلاث مائة وهو آبن ستين سنة.
١٤٢٤ - مَسْلَمة بن محمد بن مَسْلَمة بن محمد بن سعيد بن بُتريّ الأيادي: من أهْل قُرْطُبَة؛ يُكَنَّى: أبا محمد.
كان: زاهداً، فاضلاً، متبتلاً، مجتهداً، ورعاً كثير الجِهَاد. وسمع: من وَهب آبن مَسَرَّة، وأبي عيسى، وعَبْد الله بن مُحَمَّد بن عليّ البَاجِيّ، ومحمد بن يحيى بن عبد العزيز، وأبي جعفر بن عَوْن الله، وآبن مفَرِّج، وسمع من عمه الخَطَّاب بن مَسْلَمة.
وله إلى المَشْرِق رحلة سنَة ثمانٍ وخمسين. سمع فيها: من زياد بن يونس السِّدْرِي، وسَمِعَ بمكَّة: من أبي بكر الآجُرِيّ ومن غيره يسيراً، وآمتُحِنَ في الطريق بذهاب رحلة فلم يتحصل له كبير شيء من سماعه بمكَّة. قُرِئَتْ عليه: المدَوَّنة، والمُسْتَخْرجة وغير ذلك.
وكان: أكثر ما يحمله من الحَدِيث على سَبِيل الإجَازة، وكانت العبادة أملك به وأغلب عليه، تُوفِّي (رحمه الله) : ليلة الجمعة لست بقين من ذي الحجة سنة إحدى وتسعين وثلاث مائة. ودُفِنَ يوم الجمعة بعد صلاة العصر في مَقْبَرة الرَّبَض، وصلَّىعليه أبو إسحاق المؤَدِّب، وشَهِدْتُه وشَهِدَهُ خلق عظيم، وما آنصرفنا من جنازته إلَاّ بليل.