بجميعها، ومنها أن ما كان يسوغ الاقتداء به كالرحيم والكريم فيمرن العبد نفسه على أن يصح له الاتصاف بها فيما يليق به وما كان يختص به نفسه تعالى كالجبار والعظيم والمتكبر، فعلى العبد الإقرار بها والخضوع لها وعدم التحلي بصفة منها، وما كان فيه معنى الوعد كالغفور الشكور العفو الرؤوف الحليم الجواد الكريم، فليقف منه عند الطمع والرغبة، وما كان فيه معنى الوعيد كعزيز ذي انتقام شديد العقاب سريع الحساب، فليقف منه عند الخشية والرهبة. ومنها شهود العبد إياها وإعطاؤها حقها معرفة وعبودية، مثاله من شهد علو الله تعالى على خلقه وفوقيته عليهم واستواءه على عرشه بائنا من خلقه مع إحاطته بهم علما وقدرة وغير ذلك، وتعبد بمقتضى هذه الصفة بحيث يصير لقلبه صمدا يعرج إليه مناجيا له مطرقا واقفا بين يديه وقوف العبد الذليل بين يدي الملك العزيز، فيشعر بأن كلمه وعمله صاعد إليه معروض عليه فيستحي أن يصعد إليه من كلمه وعمله ما يخزيه ويفضحه هنالك، ويشهد نزول الأمر والمراسيم الإلهية إلى أقطار العوالم كل وقت بأنواع التدبير والتصرف من الإماتة والإحياء والإعزاز والإذلال، والخفض والرفع والعطاء والمنع وكشف البلاء وإرساله ومداولة الأيام بين الناس إلى غير ذلك من التصرفات في المملكة التي لا يتصرف فيها سواه، فمراسيمه نافذة فيها كما يشاء {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ}[السجدة: ٥] فمن وفى هذا المشهد حقه معرفة وعبودية فقد استغنى بربه وكفاه، وكذلك من شهد علمه المحيط وسمعه وبصره وحياته وقيوميته وغيرها ولا يرزق هذا