للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كلامه على التشبيه، وهو أعلم الخلق بالله عز وجل، وفي حديث صهيب عند مسلم: «فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل» (١) ثم تلا هذه الآية: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: ٢٦] وفي الباب أحاديث كثيرة صحيحة صريحة ذكرنا منها في شرح (سلم الوصول) خمسة وأربعين حديثا عن أكثر من ثلاثين صحابيا. ومن رد ذلك فقد كذب بالكتاب وبما أرسل الله به رسله، وكان من الذين قال الله تعالى فيهم: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: ١٥] نسأل الله تعالى العفو والعافية، وأن يرزقنا لذة النظر إلى وجهه آمين.

[دليل الإيمان بالشفاعة وممن تكون ولمن تكون]

س: ما دليل الإيمان بالشفاعة، وممن تكون، ولمن تكون، ومتى تكون؟

جـ: قد أثبت الله عز وجل الشفاعة في كتابه في مواضع كثيرة بقيود ثقيلة، وأخبرنا تعالى أنها ملك له ليس لأحد فيها شيء، فقال تعالى: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} [الزمر: ٤٤] فأما متى تكون؟ فأخبرنا عز وجل أنها لا تكون إلا بإذنه كما قال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: ٢٥٥] {مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ} [يونس: ٣] {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} [النجم: ٢٦] {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ: ٢٣] وأما ممن تكون؟ فكما أخبرنا تعالى أنه لا تكون إلا من بعد إذنه، أخبرنا أيضا أنه لا يأذن إلا لأوليائه المرتضين الأخيار كما قال تعالى: {لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا} [النبأ: ٣٨] وقال: {لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} [مريم: ٨٧] وأما لمن تكون؟ فأخبرنا أنه لا يأذن أن يشفع إلا لمن ارتضى كما قال تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: ٢٨]


(١) رواه مسلم (الإيمان / ٢٩٧، ٢٩٨) .

<<  <   >  >>