جـ: قد قدمنا لك أن الإيمان قول وعمل: قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح، فقول القلب هو: التصديق، وقول اللسان هو: التكلم بكلمة الإسلام، وعمل القلب هو: النية والإخلاص، وعمل الجوارح هو الانقياد بجميع الطاعات، فإذا زالت جميع هذه الأربعة قول القلب وعمله وقول اللسان وعمل الجوارح زال الإيمان بالكلية، وإذا زال تصديق القلب لم تنفع البقية، فإن تصديق القلب شرط في اعتقادها وكونها نافعة، وذلك كمن كذب بأسماء الله وصفاته أو بأي شيء مما أرسل الله به رسله وأنزل به كتبه، وإنزال عمل القلب مع اعتقاد الصدق، فأهل السنة مجمعون على زوال الإيمان كله بزواله وأنه لا ينفع التصديق مع انتفاء عمل القلب، وهو محبته وانقياده كما لم ينفع إبليس وفرعون وقومه واليهود والمشركين الذين كانوا يعتقدون صدق الرسول بل ويقرون به سرا وجهرا ويقولون: ليس بكاذب ولكن لا نتبعه ولا نؤمن به.
[أقسام الكفر الأكبر المخرج من الملة]
س: كم أقسام الكفر الأكبر المخرج من الملة؟
جـ: علم مما قدمناه أنه أربعة أقسام: كفر الجهل والتكذيب، وكفر جحود، وكفر عناد واستكبار، وكفر نفاق.
[كفر الجهل والتكذيب]
س: ما هو كفر الجهل والتكذيب؟
جـ: هو ما كان ظاهرا وباطنا كغالب الكفار من قريش ومن قبلهم من الأمم الذين قال الله تعالى فيهم: {الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}[غافر: ٧٠] وقال تعالى: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}[الأعراف: ١٩٩] وقال تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ - حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[النمل: ٨٣ - ٨٤] الآيات