تصرف الله في عباده، فمن أضاف الفعل والانفعال إلى العبد كفر، ومن أضافه إلى الله كفر، ومن أضاف الفعل إلى الخالق والانفعال إلى المخلوق كلاهما حقيقة، فهو المؤمن حقيقة.
[أليس ممكنا في قدرة الله أن يجعل كل عباده مؤمنين]
س: ما جواب من قال: أليس ممكنا في قدرة الله أن يجعل كل عباده مؤمنين مهتدين طائعين مع محبته ذلك منهم شرعا؟
جـ: بلى هو قادر على ذلك كما قال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}[المائدة: ٤٨] الآية، وقال:{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا}[يونس: ٩٩] وغيرها من الآيات، ولكن هذا الذي فعله بهم هو مقتضى حكمته وموجب ربوبيته وإلهيته وأسمائه وصفاته؛ فقول القائل: لم كان من عباده الطائع والعاصي كقول من قال: لم كان من أسمائه الضار النافع، والمعطي والمانع، والخافض الرافع، والمنعم والمنتقم. ونحو ذلك؛ إذ أفعاله تعالى هي مقتضى أسمائه وآثار صفاته، فالاعتراض عليه في أفعاله اعتراض عليه في أسمائه وصفاته، بل وعلى إلهيته وربَوبيته:{فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ - لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}[الأنبياء: ٢٢ - ٢٣]
[منزلة الإيمان بالقدر من الدين]
س: ما منزلة الإيمان بالقدر من الدين؟
جـ: الإيمان بالقدر نظام التوحيد كما أن الإيمان بالأسباب التي توصل إلى خيره وتحجز عن شره هي نظام الشرع، ولا ينتظم أمر الدين ويستقيم إلا لمن آمن بالقدر وامتثل الشرع، كما قرر النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان بالقدر ثم قال لمن قال له:«أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ قال: " اعملوا فكل ميسر لما خلق له» ، فمن نفى القدر زاعما منافاته للشرع فقد عطل الله تعالى عن علمه وقدرته وجعل العبد مستقلا بأفعاله