الثاني: مطالبته ببيان الفروق، التي ميزت كتب المجتهدين السابقين -كما وصفهم المالكي - عن كتب غيرهم من أهل العلم.
فإن قال -كما زعم سابقا-: محاولتهم التخلص من المذهبية العقدية والفقهية، والعودة لأصول الإسلام الجامعة، والابتعاد عن الجزئيات المفرقة، وعذر المجتهد إن أخطأ من جميع الطوائف.
قلنا: هذا غير صحيح! وكتبهم كلها تدل على خلاف ذلك، فابن الوزير -وهو إمام مجتهد بحق- لم يعذر شيخه علي بن محمد بن أبي القاسم (ت ٨٣٧ هـ) عندما صنف كتابا عاب فيه على أهل السنة والحديث أمورا، وتنقص بعض الأئمة، وطعن في بعض الأحاديث، وقال بمعتقدات مخالفة. ورد عليه ابن الوزير في كتابه الكبير "العواصم والقواصم، في الذب عن سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم" وهو في بضعة مجلدات.
ثم زاد في إيجاع خصمه باختصاره المسمى "الروض الباسم" وبين منزلة المردود عليه العلمية، وتنقصه تنقصا بالغا، وسفه ما جاء به.
أما المقبلي:"فالعلم الشامخ" دليل ظاهر على عدم إعذاره لأي مخالف له، فحمل على شيخ الإسلام ابن تيمية حملة كبيرة بغير حق، وحمل على القائلين بعلو الله سبحانه على خلقه، وتكلم في حقهم بكلام عظيم، يدل على أنه إمام لكن في الضلالة.
وكذلك حمل على الزيدية، وسفه أقوالهم وأحلامهم، حتى قال قائل الزيدية فيه (وهو الحسن الهبل ت ١٠٧٩ هـ) ، ضمن أبيات جائرة: