وهو رضي الله عنه أجل وأعظم من أن يعادي لحظ نفسه، وهذا معلوم من حاله وسيرته.
الثالث: أن تبديع الإمام أحمد، وتكفيره للقائلين بخلق القرآن: لم يكن بعد خروجه من السجن فحسب، بل كان قبل ذلك، وما أدخله السجن إلا ذاك.
الرابع: أن شدة الإمام أحمد على بعض أئمة السنة - رحمهم الله جميعا - ممن أكرهوا على القول بخلق القرآن بالسيف - وهم لا يرون ذلك - كان من أحمد غيرة لله عز وجل وشرعه.
وكان رحمه الله، لا يرى رخصة لهؤلاء المكرهين، لعظم وخطر إجابتهم على معتقد المسلمين.
لهذا كان هؤلاء المكرهون يعتذرون للإمام أحمد، بعرضهم على السيف، وأن الله عز وجل قد جعل رخصة لهم في قوله جل وعلا:{إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}[النحل: ١٠٦] .
الخامس: أن علي بن المديني، ويحيى بن معين وغيرهم رحمهم الله، ممن أجابوا في الفتنة، وقالوا بخلق القرآن بعد عرضهم على السيف: هم ممن كفروا القائلين بخلق القرآن، قبل الفتنة وبعد زوالها، فلا خلاف بينهم مع أحمد في هذا.
وإن كانت في أحمد حدة لأجل تكفيره القائلين بخلق القرآن! فالحدة فيهم أيضا! .